بقلم جهاد شوقي السيد
في هذا الزمان نفتقد الكثير من الأشياء، ونشعر بحنين إلى الزمن الزائل، بل ونطلق عليه اسم الزمن الجميل، لم يعد للحاضر، شكلا ولونا، الكل في سباق يحاولون اللحاق بشيء مبهم، في حاله انتظار دائم لحدوث شيء يغير من حياتهم، والبعض الآخر يحاول النجاة كل يوم من متاعب ومتطلبات الحياة، والجميع منساق نحو المادية الباحتة، الكل يبحث عن كسب المال بأي ثمن أو طريقة، لم يعد الشباب يبحث عن الإبداع في أي مجال بالأصبح أي مجال للربح السريع هو القبلة التي تتجه كل أحلامهم وطموحهم إليَها.
ودفعني هذا الواقع إلى البحث عن الأسباب وهل الظروف المادية الراهنة هي فقط السبب ولكن كان هناك أزمات أكثر ضراوة وشراسة هتكت بهذا الشعب في الماضي ولم تحطم أحلامه كما تفعل هذه الأيام.
إن شباب هذا الجيل هو الأقل حظا رغم تقدم العلم ووسائل الاتصال فقد سيطرت المادة على حياته وأصبح فريسة للشركات العملاقة التي حولت الشعوب إلى مستهلكين وعبيد يتحكمون في أفكارهم ويساقون كالأنعام إلى الهاوية وهم لا يشعرون.
ولتهمة المادية الشعور بالانتماء للوطن، فالشباب يريد أن يرحل بعيد عن هويته العربية وعن وطنه وعن أي شيء في سبيل كسب المال والشهرة وساعد في ذلك غياب دور القدوة الحسنة والأخلاق الحميدة ففي العصر السابق كان الشباب يلتف حول القادة والعلماء والشيوخ متخذون منهم سراج نور، يضيئون به طريقهم ويجعلون الوصول لهذه المكانة كهؤلاء القادة والعلماء هو النجاح الحقيقي.
وأدى غياب الأب المستمر عن الأسرة من أجل كسب المال، إلي فقدان دوره كأول قدوة في حياه الأبناء، وعند سؤال الأبناء عن غيابه المستمر، تكون أجابه الأم، بأن الأب منشغل عنكم من أجل كسب المال لتلبيه احتياجاتكم، وهنا ترسخ الأم فكره أن المال هو الأهم حتى عن متابعة أحوال ومشاكل الأبناء، ويبدأ الأبناء في البحث عن إشباع رغبه إيجاد شخص يحتذى به من خارج الأسرة فيجدون نماذج مشوها أخلاقيا، ولكن تملك الكثير من المال الذي يحقق أي أمان أو أحلام، هكذا ينظر إليهم الأبناء… ونجد أيضا غيابا تاما للدين في حياه الأطفال منذ الصغر، فالأم والمدرسة تكتفي فقط بتحفيظ الآيات دون الخوض في شرح جوهر ومعاني كلام الله، وعدم التطرق إلي التشريع في الدين ومفهوم الحقوق والواجبات وترسيخها في ذهن الأطفال منذ الصغر، وبتالي ادى هذا إلى وجود نماذج من الشباب لا تعي حقها أو حق غيرها بل ساده قانون” القُوَى” الذي يحصل علي اي شيء، كما لو اننا نسكن في غابة بالرغْم من تكريم الله لنا ولكن الإنسان دائم الإهانة إلي جنسه.
وإذا لم تعي الدولة حجم هذه المشكلة فأننا بصدد ميلاد جيل مشوه فكريا وأخلاقيا، يذهب بهويته المصرية والعربية إلي الهاوية، ويطمس كل ما يملك من تاريخ وحضارة وتراث، فهذه هي الحروب التي تقضي علي الدول بلا رجعه، فلحروب الفكرية هي اكثر ضراوة من الحروب المسلحة.
فالإنسان بلا دين او أخلاق وقدوة يحتذى بها، يكون فريسة سهله للأفكار السامة وبتالي يصبح أكثر الأسلحة المدمرة التي يستخدمها الأعداء لتدمير الأوطان وأبادتها داخليا حتي تفقد المقاومة وتصبح سهله المنال.