عرض جمال سالم
صدر حديثا عن الدار العالمية للنشر والتوزيع بالاسكندرية ،ودار الملتقى للنشر والتوزيع بطنطا أحدث إبداعات الداعية الإسلامي الدكتور عادل المراغي، من علماء الأزهر والأوقاف بعنوان” روضة الأديب.. ونزهة الخطيب” والذي تم توقيعه بمعرض الكتاب، ويقدم فيه وجبة دسمة للدعاة من خلال قرابة 1300بيتا للشعر من أشهر بيوت الشعراء في القدامي والمعاصرين، بما فيهم شعراء الجاهلية، ويلازم كل بيت شعري أقوال مأثورة لأشهر عقول وحكماء الأمة عبر التاريخ القديم وأشهرها أقوال بعض الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، وأعلام الأمة في مختلف العلوم وخاصة العلوم الشرعية والعربية، وكذلك أقوال المفكرين المعاصرين، مع وجود توافق بين البيت الشعري والقول المأثور من حيث الموضوع أو الهدف منه من عظة او توجيه أو نصيحة.
حرص الدكتور المراغي أن يقدم لكتابه القيم ثلاثي شرعي ولغوي عملاق ومشهود لهم بالصلاح والعطاء والإبداع في خدمة البلاد والعباد، وهم الأستاذ الدكتور حسن الشافعي، رئيس اتحاد المجامع اللغوية العربية، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، والأستاذ الدكتور صابر عبد الدايم، العميد الأسبق لكلية اللغة العربية بالزقازيق- جامعة الأزهر، رئيس رابطة الأدب الإسلامي العالمية، والأستاذ الدكتور علاء جانب، عميد كلية اللغة العربية بالقاهرة – جامعة الأزهر، وقد أثنى كل منهم على المحتوى القيم للكتاب الذي يعد بحق زاد للخطيب من أبيات شعرية مؤثرة وقوية، وأقوال مأثورة خلدها التاريخ لما فيها من الحكمة، وفي نفس الوقت هو روضة للأديب الذي يعشق لغة الضاد بما تتضمنه من أقوال شعرية تمتع القلوب قبل العقول.
أكد المؤلف في مقدمته أن الشعر صدى الروح، وفيض المشاعر، وزفرات النفس، وسلاح البليغ، ودليل فصاحة المتكلم.. وما أجمل الحكمة حين تصاغ في أبيات الشعر، يهتز لها الوجدان، وتطرب بها الآذان، فإن جيد الشعر ما دخل الأذن بلا إذن، وإن الكلام إن كان محكوما عليه بأن منه الجيد ومنه الردئ، فإن الشعر كلام ككل الكلام حسنه حسن، وقبيحه قبيح، ويعد هذا الكتاب حاديا للأرواح، شاحذا للهمم، موقظا للإحساس، تذكرة للعاقل، وتنبيها للغافل، ما دفعه إلى جمعه وتصنيفه إلا حديث النبي صلى الله عليه وسلم:” إن من الشعر لحكمة، وإن من البيان لسحرا”
وأوضح الدكتور المراغي أنه مما لا ريب فيه أن للشعر دولة عند العرب لا تدول، ومنعة اكتسبها بالقرآن لا تزول، ذلك لارتباطه بحياة العرب عبر مختلف العصور، وتعبيره عنه في أفراحهم وأطراحهم، وصدق حبر الأمة عبد الله بن عباس حين قال” الشعر ديوان العرب” وقول الفاروق عمر بن الخطاب” كان الشعر علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه…”، وقد نص على هذا جميعا وزيادة عليه ابن قتيبة الدينوري في كتابه” الشعر والشعراء” وابن سلام الجمحي في كتابه” طبقات فحول الشعراء”، ولم تكن العناية به مقصورة على الجاهليين محصورة فيهم، بل امتدت آثارها إلى الإسلام حتى اتخذ منه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ملجأ يفزعون إليه دفاعا عن الإسلام، ونشرا لدعوته، ورفعا لرايته، وتمدحا في النبي وسنته، فحملوا به على الكفار المناهضين لتلك الدعوة بما انضاف إلى لغة الشعر ممن الطرافة والجدة نتيجة تأثرها بفصاحة ألفاظ وبلاغة معاني القرآن الكريم، وكلام النبي صلى الله عليه وسلم، وقد سئل أبو بكر الصديق عن النابغة فقال:” هو أحسنهم شعرا، وأعذبهم بحرا، وابعدهم قعرا”، وكان الفاروق عمر يعد زهير أشعر الشعراء
وقد أبدع المؤلف الدكتور المراغي حين رتب كتابه ترتيبا معجميا ليسهل على القارئ تناوله، وعلى المستمع تناوله، فجاءت أبياته مخاطبة للأرواح لا الأشباح، فالشعر كالناس، رجل بألف ، وألف بخف، فكم من بيت شعر بديوان، وقد صدق الشاعر محمد إقبال في قوله:
حديثُ الروحْ للأرواحِ يسْرِي ..وتدركهُ القلوبُ بِلا عناءِ