مصر- السيسى.. تربط الماضى بالحاضر والمستقبل برؤية جديدة
التوترات الدينية “فخ” الأعداء لإسقاط الشعوب.. و”الوعى” حائط الصد ضد الانهيار
التعاون بين المؤسسات الدينية الإسلامية- المسيحية يؤكد قيم العيش المشترك
حوار: مصطفى ياسين
تصوير: أحمد السعداوى
أكد د. القس أندريه زكى- رئيس الطائفة الإنجيلية، رئيس الهيئة القبطية للخدمات الاجتماعية- أن الوحدة الوطنية المصرية “سبيكة” عصيَّة على الكسر بفضل وعى وتماسك النسيج المصرى، الذى زاد توهّجًا وترسُّخًا فى الفترة الأخيرة لما يمارسه ويُطبّقه الرئيس عبدالفتاح السيسى من مواطنة حقيقية وليست مجرد شعارات أو كلمات تُقال، وأثمرت “اللُّحمة الوطنية”.
أشار إلى أن إنجازات دولة 30 يونيه كانت حُلمًا فصارت حقيقة واقعة، وأن مستقبل مصر مرهون بتماسك كل أبنائها ووعيهم، مُحذِّرا من “فخ” التوترات الدينية الذى يصنعه الأعداء لإسقاط الشعوب والدول، مردِّدًا أن “المتغطى بالأجنبى عُريان”.
وفيما يلى نص الحوار الذى أُجرى معه.
*ما هو الدور الذى قامت به الطائفة والهيئة الإنجيلية، باعتبارك رئيسا للجهتين، فى إطار تجفيف منابع التوترات الدينية وخلق نوع من التسامح والعيش المشترك؟
** نحن نهتم بشكل كبير جدا بالسلام المجتمعى، فعلى مستوى الطائفة نساعد عددا كبيرا جدا من كنائسنا على أن تهتم بخدمة المجتمع ككل، لأن أى جماعة تقدِّم خدمة للمجتمع هى تبنى جسورا معه، فمثلا فى أحداث كورونا الأخيرة، كان هناك عدد كبير من الكنائس يقدِّم خدماته للمجتمع ككل، يقدِّمون كراتين أطعمة، مُطهِّرات، توعية ونصح وإرشاد للناس فى التعامل مع الوباء، ولم تكن محصورة على شعب الكنيسة بل كانت للمجتمع المحيط كله، وهذا فى حدِّ ذاته خطوة مهمة للغاية.
وكثير من الكنائس تقوم بعمل أنشطة اجتماعية لخدمة المجتمع ككل، وكثير من الندوات التى تنظّمها الكنائس تكون بالتعاون مع الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف فهى للمجتمع المحيط، وتجد علاقات وثيقة بين الشيوخ والقساوسة. والكنيسة الإنجيلية تهتم كثيرا بموضوع العيش المشترك.
أما الهيئة الإنجيلية، فهى سواء على مستوى التنمية أو الحوار تشارك بفاعلية فى دعم “العيش المشترك”، وفى المؤتمرات التى تُطرح فيها القضايا التى يجب مناقشتها والتعامل معها بعمق وغنى فكرى، والمنتدى يجمع الشيوخ والأئمة والقساوسة وشباب الأكاديميين والدعاة، بهدف خلق مناخ حقيقى للحوار.
وكثيرا ما نسمع عن قصص ومبادرات قام بها الشيوخ والقساوسة، من المشاركين فى المنتدى، فى مجتمعاتهم المحلية، ويتبادلون العلاقات والزيارات، والتفاهم فى كثير من قضايا المجتمع.
فنحن نهتم ببناء اللُّحمة الوطنية، والإسهام بدورنا فى إقامة مجتمع السلامة، العيش المشترك، قبول الآخر، حيث أن التنوّع قوّة إيجابية وليست سلبية.
كلام مغرض
* لكن هناك البعض الذى يُشكِّك فى هذه الجهود ويروّج بوجود أهداف أخرى مستترة، كـ”التبشير” وغيره؟
** هذا كلام مغرض، فالهيئة عمرها أكثر من 70 عاما، وجزء من قوَّتها فى مصداقيتها، وجزء من تأثيرها فى المجتمع الشفافية التى تتمتع بها، ونحن ضد توظيف الأمور فى غير معناها، أو استخدام التنمية أو الحوار أو غيره من الأنشطة لأهداف أو أجندات فرعية أو خاصة، فهذا عمل لا يليق، وكل من يقوم به لا يحترم الناس، فاحترام المصداقية والناس عمل جوهرى وأساسى، واستخدام المعونات لخداع الناس هذا أمر غير لائق ومرفوض شكلا وموضوعا، ونحن ضده، فإذا كنَّا ضدّه فنؤكد أنه مرفوض تماما، فالتنمية هى للإنسان دون النظر إلى دينه أو لونه أو جنسه، وحينما نقيم البرامج فهى لخدمة الجميع، و70 عاما من التنمية، و30 عاما من الحوار، كافية أن تثبت أن هذه ادّعاءات وأكاذيب، وأننا نخدم الناس لأنهم يستحقّون الخدمة بعيدا عن دينهم أو لونهم أو جنسهم.
ثمار 70 عاما
*وما هى ثمرة الـ70 عاما من عمر الهيئة؟
** أزعم أننا وصلنا إلى عشرات الملايين من المصريين، مسلمين ومسيحيين، وقدَّمنا خدمات تنموية على مستويات عديدة، بدءًا من المشروعات الصغيرة إلى مشروعات الإسكان، الإرشاد الزراعى، الزراعة النظيفة، العمل مع ذوى الاحتياجات الخاصة، قضايا التعليم والصحة بتنوّعاتها، وعِمالة الأطفال وغيرها من القضايا التى وصلت إلى عشرات الملايين، فمتوسِّط ما نخدمهم سنويا يصل لـ 3 ملايين مواطن، وأنا شخصيا أشعر بسعادة بالغة حينما أزور مجتمعات نعمل فيها وأرى تأثير التنمية المستدامة على جموع المواطنين، مسلمين ومسيحيين معا، فى بناء مجتمع جيّد، العيش فيه متطور ومقبول.
وبالتالى أشكر الله أولا، والدولة المصرية بجميع أجهزتها، وشركاءنا الداعمين والمتبرّعين والمساندين والمساعدين، حتى استطعنا الوصول لملايين الناس عبر هذه السنوات.
تعاون عميق
*أشرت إلى تعاونكم مع الأزهر والأوقاف ودار الإفتاء، فما هى مجالات ذلك التعاون وثماره؟
** تعاوننا هو تعاون عميق للغاية، فنحن نعمل على عدة مستويات مع المؤسسات الدينية، سواء الإسلامية أو الكنائس بجميع طوائفها فى مصر، فهناك برنامج شباب الأئمة والقسوس، لأن الشباب متحمِّس ولديه رغبة فى التغيير والبناء، وينظر عامة للمستقبل بشئ من التفاؤل، وإن كان بعضه ينظر بشئ من عدم التفاؤل، وقد لعب هذا البرنامج دورا مهما جدا فى بناء نماذج وطنية تؤكد قيم العيش المشترك وتدعو إلى التفاؤل فى المجتمع المصرى.
السياق الآخر من التعاون يتمثل فى برنامج الراهبات والواعظات والداعيات، بالتنسيق مع الأوقاف والمجلس القومى للمرأة، فالمرأة لها تأثير كبير جدا، وخصوصا الداعيات والواعظات والراهبات، لأنهن يلعبن دورا كبيرا جدا فى مجال توعية المجتمع، وهذا من برامجنا الناجحة جدا.
أيضا فى حواراتنا الدولية دائما تكون القيادات الدينية، المسلمة والمسيحية، ممثَّلة لأنها تعطى معنى عميقا للوحدة الوطنية وتأثيرا كبيرا فى الداخل والخارج.
فالتعاون على مجالات عديدة فى الحوار، وأيضا فى برامج التنمية على المستوى المحلى، يشارك فيها الشيوخ والعُمَد والقسوس، نظرا لاهتمامنا ببناء اللُّحمة الوطنية.
حلم كبير يتحقق
