إسراء طلعت
مصر مليئة بالكنوز والنفحات الربانية التي حباها الله بها والتي من بينها آل البيت الذين تمركز العديد منهم في ربوعها، ويُكن المصريون لها حبا خاصا وتعلقا كبيرا بمقاماتهم وأولياء الله الصالحين وبمساجدهم العديدة فى قاهرة المعز التي يوجد بها عشرات المساجد ذات القيمة التاريخية والروحية لآل البيت والتي تزدحم بالآلاف من الذين تهفو قلوبهم الى آل البيت طوال العام.
ويحيي المصريون مولد النبي صلى الله عليه وسلم، في رحابها، وتستحوذ مساجد آل البيت على منزلة خاصة في نفوس المصريين الذين تربوا على حبهم، فأنشأوا لهم المساجد وجعلوها مزارات يتوافدون عليها يوميا، فيتمتعون فيها بالصلاة ويتباهون بالعمارة البديعة التي تفننوا في تكوين لوحاتها الفنية.
ومن أشهر المساجد التي لها محبة خاصة في نفوس المصريين، مسجد الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة والسيدة عائشة والسيدة رقية.
ترصد عقيدتي حكاية كل مقام من أشهر تلك المساجد.
يشير د. محمود الصاوي أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر، إلى ان مسجد الحسين يعد من أهم معالم القاهرة، وأطلق الكثير من المؤرخين على مسجد الحسين اسم مسجد الحرم المصري، نظراً لإيمان المصريين المطلق بأن رأس الحسين مدفون في هذا المسجد.. موضحا أن المسجد تم بناؤه في عهد الفاطميين سنة 549 هجرية الموافق لسنة 1154 ميلادية، تحت إشراف الوزير الصالح طلائع، ويضم ثلاثة أبواب مبنية بالرخام الأبيض تطل على خان الخليلي، وبابا آخر بجوار القبة ويعرف بالباب الأخضر.
أضاف: المسجد به الحجرة النبوية، تضم مقتنيات الرسول صلى الله عليه وسلم وهي قطعة من قميصه الذي أهدته له أم ابنه إبراهيم المصرية ماريا القبطية، وهو من الكتان المصري، بالإضافة إلى العضب والقاطع وهو سيفه الخاص، كما توجد أربع شعيرات من شعره المبارك، ومكحلته الخاصة والمرود التي كان يستخدمها لوضع مسحوق حجر السد لتكحيل عينه للوقاية من الأوبئة، و قطعة من عصاه التي حملها عند فتح مكة واستخدمها في هدم الأصنام التي كان يعبدها المشركون.. مشيرا إلى أنه من المقتنيات المهمة بمسجد الحسين جزء من كسوة الكعبة التي كانت تصنع في مصر في وقت من الأوقات، ومصحف الخليفة عثمان بن عفان الذي يزن 80 كيلو جراما وارتفاعه 40 سم، ويعود تاريخه إلى القرن الأول الهجري.
من جانبه قال د. ربيع الغفير الأستاذ بجامعة الأزهر، إن مسجد السيدة عائشة، هي بنت الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي السجاد زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام علي بن أبى طالب، كما يقع مسجد السيدة سكينة ابنة الحسين عليه السلام وحفيدة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، في شارع الأشراف بجوار المشهد النفيس، حيث عشقها المصريون سيراً على درب محبة آل بيت النبي فكانت كانت أول علوية قدمت إلى مصر بعد خطبتها من الأصبع بن عبد العزيز.
وعن مسجد السيدة سكينة، قال إنها آمنة بنت الحسين بن علي بن أبي طالب رضــوان الله عليهم، أمها رباب بنت امرئ القيس بن عدى بن أوس سيد بني كلب، ولدت سنة47 هــ، وسميت باسم جدتها أم النبي، ثم لقبتها أمها بسـكينة، وذلك لأن نفوس أهلها وأسرتها كانت تسكن إليها لفرط مرحها وحيويتها، وتزوجت من مصعب بن الزبير، ثم عبد الله بن عثمان بن عبد الله، ثم زيد بن عرور بن عثمان بن عفان، وأول من سـنت الندوات كانت السيدة سكينة في المدينة المنورة وكانت تمتاز بالأدب.
من جانبه قال على أحمد رأفت عضو مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن مسجد السيدة زينب، يعد أحد أشهر المقامات الموجودة في مصر، ويعشقها المسلمون يأتون لها من كل حدب وصب، لنيل البركات والنفحات، مشيرا إلى أن السيدة زينب، حفيدة الرسول- صلى الله عليه وسلم-، ولدت في السنة السادسة للهجرة، فهي ابنة سيدنا علي بن أبي طالب- رضي الله عنه-، وسيدتنا فاطمة الزهراء، ابنة الرسول- صلى الله عليه وسلم- رضي الله عنها، وهي أخت الحسن والحسين وأم كلثوم، تزوجت من ابن عمها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب الذي اشتُهر بالكرم والجود، حتى سُمّي «بحر الجود»، وأنجبت ستة أولاد وبنتا واحدة.
وأضاف أن السيدة زينب نشأة رضي الله عنها في بيئة دينية وعلمية، فقد قابلت سيدنا رسول الله، صلى الله عليه و سلم ، وعاصرت خلافة أبي بكر، وعمر بن الخطاب، وعثمان، ووالدها الإمام علي، رضي الله عنهم جميعًا، وعاشت فترة الفتنة الكبيرة التي أضرت بآل البيت والمسلمين، شهدت سيدتنا زينب، رضي الله عنها، مقتل أبيها، وأخيها الحسين، الذي قُتل في كربلاء، كما قُتل ولداها محمد وعون، والعديد من أهل البيت.
وتابع: “استقرت سيدتنا زينب في أرض مصر وهبها والي مصر مسلمة بن مخلد بن صامت الأنصاري – رحمه الله- آنذاك قصره كله للإقامة فيه، لكنها اكتفت بغرفة واحدة فقط في القصر فجعلتها مكانًا لتعبدها وزهدها، وتحولت هذه الغرفة بعد وفاتها إلى مقامها الآن، فتسمى هذه الغرفة مقام السيدة زينب”.