تحتضن مدينة شرم الشيخ، رؤساء وزعماء وقادة حكومات وفكر وخبراء 197 دولة للتباحث على مدار 13 يوما، حول كل القضايا والمشكلات المُناخية التى تؤثِّر بالسلب على الحياة الطبيعية على كوكب الأرض.
وقد استعدّت مصر خير استعداد لهذا الحدث العالمى والأضخم والذى تستضيفه الكنانة- قُبيل انتهاء هذا العام- لبحث سُبل إنقاذ الكوكب من تأثيرات التغيّرات المُناخية، وقد شهدت “شرم الشيخ” تغييرا شاملا فى كافّة مظاهر الحياة، بما يتواكب ويتماشى مع “الحياة الخضراء”، فَغَرَسَت قُرابة 13 ألف شجرة مُثمرة ما بين نخلَة وزيتون وليمون، فضلا عن وسائل المواصلات صديقة البيئة، كأحد التطبيقات العمليّة للحفاظ على البيئة والمُناخ، بالتزامن مع انعقاد القمّة الـ 27 للمُناخ، حتى تُقدِّم مصر القدوة والمَثَل، بل المُبادَرة والمُبادأة بتنفيذ توصيات الحفاظ على البيئة والمُناخ، قبل إقرارها من قِبَل القادة والمسئولين المشاركين فى القمّة.
بل كانت مصر سبَّاقَة فى تبنِّى العديد من المبادرات والمشروعات، سواء الحكومية أو الشعبية، ومن منظّمات المجتمع المدنى والهيئات الشبابية، فعُقِدَت العديد من الدورات وورش العمل لتوضيح خطورة التغيّرات المناخية على البيئة والحياة بشكل عام، وترسيخ مفاهيم الحفاظ على “الحياة الخضراء” والبيئة النظيفة. ولم تقف هذه الأنشطة التوعوية والتثقيفية على قطاع محدّد بل شملت الجميع، ابتداء من تلاميذ المدارس، مرورا بطلبة المعاهد والجامعات، والتجمّعات الشبابية والنسائية المختلفة، حتى الحقول والجمعيات الزراعية، بما يعنى جميع فئات المجتمع، لأن الأمر يهم الجميع وليس قاصرا على فئة دون غيرها.
الأهم والمنتظر من هذه القمّة الـ27 للمناخ، أن يقتنع ويحرص المشاركون فيها على تنفيذ ما سيتم الخروج به من توصيات، خاصة من قِبَل الدول الكبرى والتى من المفترض أن تتحمَّل العبء الأكبر من التكاليف، لأنها هى العنصر الأساس والرئيس فى إحداث هذه التغيّرات المُناخية، والتى عانى منها الجميع فى الفترة الأخيرة التى شهدت تغيّرات غير مسبوقة، فى كل بقاع الدنيا، وأخطرها جفاف الأنهار وبشاعة السيول والأعاصير وتآكل الشواطئ، والإنذار العلمى من اختفاء مناطق كاملة من على الخريطة.
وأعتقد أن هذا السبب سيكون هو العامل الرئيسى فى الضغط على الزعماء والقادة ودفعهم للالتزام بتنفيذ التوصيات، فالشعوب جميعا لديها هواجس وتخوّفات كبرى من تلك التغيّرات المُناخية، وبالتالى فمن يرغب فى نيل رضا الشعوب فعليه تحقيق الأمن والأمان لهم، وعلى رأس هذه الأُمنيات “الاستقرار المُناخى” والحياة الخضراء الآمنة.
ولا يقف أمر الحفاظ على البيئة والمناخ، على الحكومات فقط، بل ينسحب الأمر كذلك على كل فرد منَّا- كلٌّ فى موقعه ومنزله ومحيطه البيئى- بترشيد الإنفاق والاستهلاك فى الموارد الطبيعية وعدم الجور على الثروات الطبيعية، والاستخدام الرشيد والآمن لكل ثرواتنا الطبيعية، مع الحفاظ على حقوق الأجيال القادمة فى هذه الثروات، والحرص على عدم تلويثها أو الإضرار بها، وقد لخَّص الحق تبارك وتعالى هذا الواقع بقوله: “ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ” (الروم: 41).