أدين لبلد الشفاءين بعد الله بنجاحي في مسيرتي العلمية
قيمة العالم الأزهري بقدر ما يقرأ ثم يعلم الناس ابتغاء مرضاة الله
أسأل كل مسلم : أعرف نفسك ومكانتك عند الله من القرآن!!
هذه نماذج من جهاد النبي بالقرآن .. وتلك مواصفات المفسر
حوار : جمال سالم :
يعد الدكتور عبدالفتاح خضر ، أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر ، من الأعلام في تخصصه علي مستوى العالمين العربي والإسلامي وقد سافر إلي العديد من دول العالم ممثلا للأزهر ليس في تفسير القرآن فقط بل في مختلف العلوم الشرعية نظرا لعلمه الموسوعي ومؤلفاته التي قاربت الخمسين ، التقيناه وكان لنا معه هذا اللقاء
** أنت ابن قرية الشفاءين التي كان لها أثر في مسيرتك العلمية ، فما هي حكاية هذه القرية ؟
** قريتي حصة شبشير تعد منارة دينية بكل ما تعني الكلمة بمحافظة الغربية فهي بلد القرآن والعسل وقد وصفهما الله كل منهما ب” الشفاء ” من هنا يتم إطلاق اسم بلد الشفاءين عليها ، ولنا أن نذكر علي سبيل المثال أن هناك مسابقة قرآنية سنوية من عشرات السنين شارك فيها هذا العام مثلا 1100 متسابق ، كما ان الأهالي عندنا يعشقون التعليم الأزهري ، ولهذا لدينا كل المعاهد ولا يخرج الطالب من عندنا الا لدخول الجامعة ولهذا فهي ” بلد العلماء ”
نفسك في القرآن
** كتبت مقالا عنوانه : من أنت ؟ ومن تشبه من خلال القرآن الكريم ؟!.هل تعلم أن شخصيتك مذكورة في القرآن الكريم ؟ . فماذا تقصد بهذا العنوان الغريب ؟
** أدعو كل مسلم أن يقرأ القرآن ويتمعن ليعرف من هو؟ ومن تشبه ؟ . فقد روي أن الأحنف بن قيس ، كان جالساً يوماً فجال في خاطره قوله تعالى:” لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ” . فقال :عليَّ بالمصحف لألتمس ذكري حتى أعلم من أنا ؟ ومن أشبه ؟. فمر بقوم ..{كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ . وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ . وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ” ، ثم مرَّ بقومٍ قال الله فيهم ” يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ” ثم مرَّ بقوم قال الله فيهم {يُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ، ثم مرَّ بقوم قال الله فيهم {يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ } فقال تواضعاُ منه :اللهم لست أعرف نفسي في هؤلاء…ثم أخذ يقرأ ، فمر بقوم قال الله فيهم {إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ} ، ثم مرَّ بقوم قال الله لهم {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ . قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ . وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ . وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ . وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ} .فقال : اللهم إني أبرأ إليك من هؤلاء ..حتى وقع على قول الله تعالي ” وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ” .فقال : اللهم أنا من هؤلاء .!!. والآن جاء دور استكشاف كل واحد لنفسه ليجيب علي سؤال : من أنا ؟ ومن الذي أشبهه في ضوء القرآن العظيم .
شروط المفسر
** ما هي الشروط الواجب توافرها في مفسر القرآن ؟
**من أراد التعرض للتفسير عليه أولا أن يكون مخلصا لله ، وأن يكون لديه الإلمام بكل العلوم الشرعية والعربية ، وأن يكون فاقها لملابسات النص وجوِّه الذي قيل فيه وأن يعيش روح النص، لأن من حصر نفسه في المفردات وقوالب الألفاظ فقط ضلَّ وأضلَّ لأنه يجعل ما ليس مرادًا لله مرادًا له بترجمته للقرآن ترجمة حرفية وهذا ما لا يليق
دخلاء التفسير
** ما هي خطورة الدخلاء علي تفسير القرآن بزعم أن التفسير ليس حكرا علي أحد ؟
** لا يقول هذا لا من في قلوبهم مرض ، وقد زين لهم الشيطان أعمالهم فظنوا أنفسهم مفسرين مع أن التخصص ” لغة العصر ” في كل المجالات فلماذا يريد هؤلاء الفوضى في علوم الدين ، لأن هدفهم هدم الدين باسم التجديد والاجتهاد وأن الدين ملك للجميع ، وقد كشف لنا القرآن الكريم هؤلاء وأمثالهم من المخربين فقال الله تعالي ” قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً . الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً . أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْناً . ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُواً ” وحذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم منهم فقال ” إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رءوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا ”
ضالون مضلون
** زعمت طائفة أنهم ” جماعة القرآنيين ” الذين يمكنهم الاستغناء عن السنة ، فما وصفكم لهؤلاء ؟
** هؤلاء ضالون مضلون وجنود وعملاء لأعداء الإسلام بدليل أن الغرب يحتضنهم ويوفر لهم كل الإمكانيات لتخريب الدين بزعم أنهم مجددون ومجتهدون وهم في الحقيقة شيطانيون أعداء القرآن ، فلا يمكن الفصل بين القرآن والسنة بنص القرآن نفسه ألم يقرأ هؤلاء في القرآن ” وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ” وقوله ” .ولما كان الكتاب المجيد بحاجة إلى السنة تبينه وتفصله، فقد كانت السنة من وحي – الله تعالى – إلى نبيه ،صلى الله عليه وسلم ،حتى يكون المبيِّن والمبيَّن من مصدر واحد، وعلى مستوى واحد، وحاشا – الله تعالى – أن ينزل الكتاب وحيا، ثم يترك بيان ما فيه لبشر بعيداً عن الوحي. فإن المبيِّن له نفس أهمية المبيَّن من حيث هو وسيلة الانتفاع به، وسبيل العمل بمقتضاه، من ذلك كان القرآن المجيد والسنة النبوية المطهرة يصدران من مشكاة واحدة، مشكاة الوحي الإلهي المعصوم. يقول الله عز وجل عن رسوله صلى الله عليه وسلم: “وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى” ويقول أيضا ” وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ” وقول الله تعالى ” قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ . قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ”
الجهاد بالقرآن
** كتبتم كثيرا عن الجهاد بالقرآن ، فماذا تقصدون بهذا المصطلح ؟
** الجهاد بالقرآن نوعين “جهاد نظري علمي ، وجهاد تطبيقي عملي ” والثاني ثمرة للأول ، ومن أمثلة الجهاد بالقرآن عند النبي صلى الله عليه وسلم صعوده ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ جبل الصفا ومناداته بطون قريش بطنا بطنا وحدوث ما حدث ، وكذلك إرساله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الرسائل إلى ملوك الأرض ونصحه إياهم ” أسلم تسلم….” وما حدث في صلح الحديبية ،أمره صلى الله عليه وسلم الرعيل الأول بالهجرة إلى الحبشة ،هجرته صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ،ورجوعه صلى الله عليه وسلم إلى مكة ،وصبره على مقاطعة قريش له ولبني عبدالمطلب ، وملاقاته وفود الحجيج لنشر للدعوة إلى الإسلام ، وهجرته إلى المدينة المنورة، وعودته إلى مكة المكرمة ، وجعله دخول مكة يوما من أيام المرحمة لا الملحمة ، وموادعة اليهود في المدينة ثم قتالهم وإجلاؤهم عنها، وتطبيقه ـ صلى الله عليه وسلم ـ لأوامر القرآن ونواهيه ومنها دخوله صلوات الله وسلامه عليه في حرب لا هوادة فيها مع المعتدين