علاء أبو العزائم: الله خلقنا لتسهيل الحياة لبعضنا.. والمحبة قبلتنا
المستشار أمير رمزى: التدين الحق.. رهن بالأخلاق والعمل الصالح
كتب مصطفى ياسين
أقامت مشيخة الطريقة العزمية، برئاسة شيخها السيد علاء الدين أبو العزائم، مائدة إفطار الأسرة المصرية، بحضور كوكبة من مختلف فئات وأطياف المجتمع، يمثلون كافة طوائف المصريين، على رأسهم: سماحة السيد محمود الشريف، نقيب الأشراف، وعدد كبير من مشايخ الطرق الصوفية، والقيادات الدينية الإسلامية والمسيحية، والقضائية والسياسية والمفكرين والفنانين.
أكد “أبو العزائم”، أن المحبة والعمل الطيب لا يفرق بين الناس على أساس ديني أو غيره، وأن سبب التخلف الذى تعانيه الأمة هو غياب المحبة، لو نحب بعضنا نتقدم، لكن للأسف الشديد كلنا نتكلم عن الحب بلا تطبيق عملى، فيجب أن نعتبر كل واحد منا قدوة في العمل الصالح والابتكار، فنحن نعيش لتسهيل الحياة للكل والحب قبلتنا.
الوعى الصحيح
أشار “أبو العزائم”، إلى أنه منذ تأسيس رابطة الأسرة المصرية فى فترة عام الجماعة الإرهابية تم عقد ٢٠ مؤتمرا بالتناوب بين المسلمين والمسيحيين، مؤكداً أن علاقتنا طيبة وتربطنا الأخوة الإنسانية، فالإنسان ليس بدينه فقط وإنما بأخلاقه ومعاملاته، مرجعاً بروز ظاهرة التعصب لغياب الوعى الصحيح عن ديننا، كمسلمين ومسيحيين، فلابد من ترسيخ المعرفة الحقيقية بالدين والعمل بالصدق والأمانة، مستشهداً بأول زيارة له إلى د. شريف دوس، شريكه في تأسيس الرابطة، وجد مكتوباً على باب عمارته بالمعادي عبارة “لا إله إلا الله”، فاستغرب! لكن “د. دوس” قال له: (ربنا خلق الإنسان علشان يحب أخاه الإنسان). فشرط الدين الإيمان والعمل الصالح والاعتقاد بوجود حساب في الآخرة، لأن بدونه يصبح المجتمع فوضويا. نافياً إتهام الإسلام بقتل المرتد طالما أنه لم يحارب الدين.
الحب الحقيقي
وأكد المستشار أمير رمزى، رئيس محكمة جنايات القاهرة، أن المجتمع المصري كله حب وصداقة ووفاء، ونسب نفسه بأنه واحد من هذه الأسرة العزمية والمكان الطيب، نتلاقى ونتحدث عن المواطنة وهذا جيد، لكن الحب في الله ليس مخصصاً للمسيحيين أو الصوفية فقط، بل للإنسانية جمعاء، فالإنسان يجب أن يعيش حالة حب كما أوصانا المسيح، فالحب الحقيقي هو مقصدنا وليس رياء، نريد حالة الفعل والعمل بجد، أقف بجوار الإنسان بغض النظر عن دينه.
وذكر أن الشيخ أبو العزائم يقدم أموال الزكاة للكنائس المختلفة، مطالبا الجميع بالتصالح مع الله، واصفاً الخير والشر بأنه “معدى”، فكما تقدم من عمل فالناس يردوه عليك، والإنسان سفير الله على الأرض، وهذا ما يطلبه الله منا، لكن تقديمنا للنموذج السيئ يجعل الناس فى حالة خصام مع الله ومع انفسهم، والإنسان ربنا خلقه ليتحاب في الله، وكلنا بشر نعبد إلها واحدا خلقنا، نذكر أنفسنا بالأخلاق، متسائلا: ما فائدة التدين دون تطبيق عملي للأخلاق والتصالح مع ربنا بالعمل الصالح؟!
تعانق الصيامين
واستبشر الشيخ عبدالعزيز النجار، وكيل وزارة بالأزهر سابقا، خيراً بتزامن الصيامين، صيام شهر رمضان للمسلمين والصيام الكبير للمسيحيين، فكل المصريين صائمين، واصفاً ساحة الطريقة العزمية بأنها صوفية لجميع الأفكار على الساحة المصرية، لا فرق بين أحدهم.
أشار إلى أن قوله تعالى “يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون” البقرة: ١٨٣، بأن الحكمة منه الامتثال والطاعة وتقوى الله، وليس الجوع والعطش، فعلينا أن نسأل أنفسنا: هل تحققت تقوى الله؟ وهل يسير الإنسان منا على هذا النهج الرمضانى بعد رمضان أم سيعود إلى سابق عهده؟ موضحا أن آيات الصيام جاءت بين آيات البر والتقوى، وختمت بالتقوى والصلاح، وترك المعاصى بتقوى الله.
وأكد السيد مصطفى الهاشمى، شيخ الطريقة الهاشمية، أننا طول عمرنا كمصريين جسد واحد، مشيراً إلى أنه أيام الدراسة عند نزول المطر كان يبيت عند صديقه المسيحى.
أجر وطنى ودينى
وقال د. عمار علي حسن، المفكر السياسي، جاء شهر رمضان متزامنا مع الصيام الكبير، والشعب المصري عبر عن هذا الترابط بتجمعه على مائدة واحدة، ورغم ذلك فنحن كمجتمع بات فى خطر لعدة أسباب، وواجبنا غلق أى باب للفتنة الطائفية، مؤكداً أن كل من ساهم في التقريب فله أجر دينى ووطنى، مشيراً إلى أن الثقافة الشعبية المشتركة بين كل المصريين تجاوزت أطروحات النخب والمؤسسات الدينية، فالمحبة قيمة ورمزية مركزية وأساسية في الديانتين، والجميع مطالب بمحبة الأخر، فلنتراحم فيما بيننا، فالإسلام والمسيحية والفرعونية تشكل الثقافة والحضارة المصرية، فمصر وثيقة من جلد رقيق، والانجيل والقرآن مكتوبان فوق جدران الفرعونية القديمة.
الثقافة المصرية
وطالب د. خالد عزب، بضرورة أن يعرف كل منا الطرف الآخر حتى لا يجهله فيعاديه، مستشهداً بأن أحياء مصر القديمة في الفسطاط هى التى دمجت بين الإنجيل والقرآن فى اللغة العربية بدلاً من القبطية، فالتراكم الثقافي والاجتماعي هو الذي تقوم عليه الثقافة المصرية، وإن كان حدث ببطء شديد إلا أنه بقناعة واهمية الاندماج للحفاظ على الوطن، متسائلا: ماذا بقى من الكنائس القديمة؟ وأين نحن من صلاح الدين الأيوبي الذي أعطى الأقباط دير السلطان في القدس لدورهم فى محاربة الصليبيين؟ مؤكداً أن نسيج المصريين قوى ومتين بالاحترام المتبادل عبر العصور.
وأشار حسن البططى، وكيل الطريقة الدمرداشية الخلوتية، بأن لديهم كفالة ٤٠٠ أسرة دون تفرقة، فالجميع مصريين، متذكرا جدته التى كانت تشعل ١٠ شمعات فى دير الامير تادرس.
رابطة الإنسانية
وأوضح الفنان رمزى العدل، أننا كلنا أقباط مصريين، مسلمين ومسيحيين، والسؤال الذي يفرض نفسه: لم يختر أحدنا إسمه أو دينه، فكيف نفرق بين بعضنا؟ كلنا تربطنا الإنسانية، كلنا نعبد إلها واحدا، والدين حالة خاصة بين الإنسان وخالقه.
واستنكر ماجد عبدالحليم، ترديد مصطلح الوحدة الوطنية! فهو غريب عن مصر، وليست كدول عربية كثيرة فيها تفرقة عنصرية دينية وقبلية، لكن مصر لا تعرف هذه التفرقة، مؤكداً أن الديانة علاقة شخصية بين الإنسان وخالقه، والثقافة هى التى تشكل ذهن الإنسان، مرجعاً ظهور الفتنة الطائفية فى السنوات الأخيرة لأسباب سياسية.
مطلبا الأديان
وبين د. أيمن حسن، أنه لا توجد فى اللغة كلمة أديان بل دين، وله متطلبان لم تختلف عليهما الشرائع السماوية الثلاث، الايمان بالله وعدم الإشراك به، والعمل الصالح، اى حب لأخيك ما تحب لنفسك، أما الدين فهو علاقة شخصية رأسية وليست أفقية بين الإنسان وربه، وطالما تحقق المطلبان، فالنسيج الاجتماعي بخير، المهم تحقيق الحب الإلهي الذي هو مراد الخالق من خلق الإنسان.
ووصفت الكاتبة فاطمة ناعوت، تجمع الأسرة المصرية بأنه لقاء العنصر المكين للمجتمع العصى على الانكسار، وقد تزامن الصيامان، على مائدة صوفية لا تعرف التعصب، بل تدعو للصورة الأنقى للإنسان. لنتعلم مبادئ وقيم الاسلام السمحة.