ها قد قارب الشهر على الرحيل، وليس من المعقول أن تندم في نهاية كل رمضان أنك لم تجتهد فيه إن كنت في أوّله تساهلت وأجَّلت! فنحن الآن في النصف الثانى، فتجنّب ما يدعو لندم النهايات واجتهد وجاهد نفسك.
ها رمضان ولم يبقي غير أيام قليلة وينتهي أجمل الشهور، اكتمل القمر وانتصف الشهر ربّ كما بلّغتنا نصفه بلّغنا إكمال عُدَّته وبلّغنا ليلة القدر. اكتمل البدر وانتصف الشهر ربّ اكتب لنا الأجر وبلّغنا ليلة القدر واجعل ما تبقّي من أيام
جابرة للقلوب ماحية للذنوب.
اكتمل البدر وانتصف الشهر، هل أسعدك النصف الأول من رمضان؟ وهل تغيّرت طباعك للأحسن؟ وهل أنت سعيد وأنت مع الله؟ وحتي تكون أسعد الناس وتفوز بالجائزة من ربّ العباد، اجعل لسانك رطْبًا بذكر الله، واجعل الفرح شكرا، والحزن صبرا، والحياة طاعة، وكن في الحياة مثل الطائر، يأتيه رزقه كل يوم ولا يهتم بغد، وليكن قلبك كاللؤلؤ لا يحمل أحقادا لأحد، مُحِبًّا للخير، وكن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل، وصلّْ صلاة مودّع ولا تتكلم بكلام تعتذر منه، ولا تنقد أحدا، وراجع نفسك مع الله فإن استقامت فاحمد الله، وانظر إلي ما في يدك ولا تنظر إلي ما في يد غيرك.
اللهم لا تجعل رمضان يمضي إلا وقد أعطيت كلا منّا مراده، ورويت قلوبنا بفيض كرمك، وحققت لنا ما كنا نظنّه مستحيلا، واجعل خاتمة ما بقي من أعمارنا خيرا، ولا تخرجنا من رمضان إلا وقد كتبت أسماءنا في قائمة عتقاء النار، وابدل قلقنا سكينة، وهمَّنا انشراحا، وسخَطِنا رضا، وخوفنا طمأنينة، وعُسرنا يسرا، واعنَّا فيه علي ذكرك وشكرك وحسن عبادتك، واشملنا بحبّك، وامنحنا جنّتك وشفاعة نبيّك ومحبّة عبادك.