كتب-محمد الساعاتى:
أكد د. أحمد مكى، إمام مسجد الإمام الحسين رضى الله عنه بالقاهرة، أن شهر رمضان فرصة لكل مقصر. وعليه أن يجد ويجتهد فيما بقى من الشهر الكريم. وخاصة فى الليالى الوترية منها. فقال فى درس العصر: لا شك أن الأعمال تكون بخواتيمها. وأن العشر الأواخر من رمضان المعظم هى فرصة لكل مقصر فيما بقى منه. ليغتنمه ويكون من الفائزين، وإذا أردت أخي الفوز بهذه الغنائم فعليك باستحضار أن ليلة القدر التي هي خير من ست وثمانين سنة مما سواها ضمن هذه الليالي، فكيف تفوت أجر ليلة تساوي عمر الإنسان؟ {خير من ألف شهر}.
وعلى كل مسلم أن يتفكر في ثمرة القيام، واللذة التي تجدها إثر قيام الليل، ويكفيك أنها سبب مغفرة الذنوب: (من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه….).
كما يجب الحرص على الاقتداء بالنبي إن كنت صادقا في حبه، حيث كان يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره.
فلربما لا تدرك رمضان مرة أخرى، فالأعمار بيد الله. فكم من شخص فارقناه في أواخر شعبان، فاجتهد قبل الرحيل. ومواسم الفضل تأتي على فترات، والسعيد من يغتنم الفرص السانحات، وقديما قيل: (من الغصص ذهاب الفرص!).
فعلينا أن نتفكر في قصر المدة وسرعة ذهابها، فها هي الأيام الفاضلات تولت سريعا، وتوشك العشر الأواخر أن تلتحق بها، ولن تشعر بتقضيها. فلابد أن نتأمل في اجتهاد الصالحين، وكيف كانت العشر الأواخر غالية في حياتهم، فقد كانوا لا يفرطون في دقيقة منها، فكن أخى على إثرهم.
فمن شكر نعمة العافية والصحة أن تغتنم جسدك في الخير والاجتهاد في طاعة الله، فغيرك طريح الفراش لا يستطيع الحراك، يتمنى أن يغتنم هذه الفرصة. فلا تضيع العشر من صور التفريط والتأخر عن الخير والفضل، حيث أن هذا التفريط يقود للتكاسل في سائر أبواب الخير (لا يزال أقوام يتأخرون حتى يؤخرهم الله).
فتذكر إخى كم فرطت وضيعت من رمضانات فائتة لن تعود، فهل يعقل أن تستمر في تضييع الفرص؟ وتذكر قول ابن عمر رضي الله عنه في فضل اتباع الجنائز: -فكم من قراريط فرطنا فيها-!!
دعا د. مكى: أسأل الله أن يرزقنا وإياكم التوفيق والهمة العالية والعزيمة الصادقة لاغتنام الأيام الباقية.
وعن ليالى العشر أكمل مكى: كان النبى كما قالت عائشة رضى الله عنها: إذا دخل العشر شدّ مئزره، وأحيا ليله، وأيقظ أهله) وفي رواية لمسلم عنها قالت: (كان رسول الله يجتهد في العشر الأواخر مالا يجتهد في غيره). وقال الإمام ابن رجب الحنبلي رحمه الله: كان النبي يخصّ العشر الأواخر من رمضان بأعمال لا يعملها في بقية الشهر منها: إحياء الليل. فيحتمل أن المراد إحياء الليل كله.
وقد روي من حديث عائشة من وجه فيه ضعف بلفظ: (وأحيا الليل كله) وفي المسند من وجه آخر عنها قالت: (كان النبي يخلط العشرين بصلاة ونوم، فإذا كان العشر ـ يعني الأخير ـ شمر وشد المئزر). وخرج الحافظ أبو نعيم بإسناد فيه ضعف عن أنس قال: (كان النبي إذا شهد رمضان قام ونام، فإذا كان أربعا وعشرين لم يذق غمضا). ويحتمل أن يريد بإحياء الليل إحياء غالبه.
وهذا سفيان الثوري يقول: أحب إلي إذا دخل العشر الأواخر أن يتهجد بالليل، ويجتهد فيه وينهض أهله وولده إلى الصلاة إن أطاقوا ذلك. وقد صح عن النبي (أنه كان يطرق فاطمة وعليا ليلا، فيقول لهما: ألا تقومان فتصليان، وكان يوقظ عائشة بالليل إذا قضى تهجده وأراد أن يوتر) وورد الترغيب في إيقاظ أحد الزوجين صاحبه للصلاة، ونضح الماء في الوجه.
وكان النبي يصيب من أهله في العشرين من رمضان ثم يعتزل نساءه، ويتفرغ لطلب ليلة القدر في العشر الأواخر
وروي عنه من حديث عائشة وأنس: (أنه كان في ليالي العشر يجعل عشاءه سحورا). واغتساله بين العشاءين. روي من حديث علي أن النبي كان يغتسل بين العشاءين كل ليلة يعني من العشر الأواخر).
وقال ابن جرير: كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من ليالي العشر الأواخر.
وكان النخعي: يغتسل في العشر كل ليلة.
ومنهم من كان يغتسل ويتطيب في الليالي التي تكون أرجى لليلة القدر، فأمر ذر بن حبيش بالاغتسال ليلة سبع وعشرين من رمضان.
فتبين بهذا أنه يستحب في الليالي التي ترجى فيها ليلة القدر التنظف والتزين والتطيب بالغسل والطيب واللباس الحسن، كما يشرع ذلك في الجمع والأعياد، وكذلك يشرع أخذ الزينة بالثياب في سائر الصلوات، كما قال تعالى: “يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ” وقال ابن عمر: الله أحق أن يتزين له.
وهكذا ينبغي على كل مسلم أن يبادر إلى اغتنام العشر من رمضان لعله يحظى بنفحة من نفحات الرحمن.