ها نحن نودع شهر رمضان المعظم، لنستقبل عيد الفطر المبارك. ولأن جبر الخواطر لا تدل إلا على سمو النفس وعظمة القلب وسلامة الصدر ورجاحة العقل. لذا نتحدث عن النبي الإنسان قبل أن يكون نبيا. وإنني لأتذكر ذوقه الرفيع حينما أشفق على “سليكٍ الغطفاني” لشدة فقره ليس هذا فحسب بل راعى مشاعره وأحاسيسه فعندما دخل سليك المسجد وكان رسول الله على المنبر يخطب الجمعة فقال لسليك: قم فصل ركعتين. حتى يفطن الصحابة له فيتصدقوا عليه فلم يفطنوا له فجاء في الجمعة الثانية فقال له: قم فصل ركعتين.
وأتذكر موقفه- صلى الله عليه وسلم- مع أبي ذر حينما عيَّر بلالا بأمِّه قائلا له: يا ابن السوداء! فاشتكى لرسول الله، فقال النبي لأبي ذر: أعيَّرته بأمّه؟!
وكان النبى يراعي ظروف الناس فعندما أمَّ معاذ بن جبل بقومه فأطال في الصلاة جاء رجل وقال: يا رسول الله، إن معاذ بن جبل يطيل في الصلاة!
موقفه عندما دخل مكة، اليوم يوم المرحمة. نظر في أعين قريش وقال لهم: ما تظنون أني فاعل بكم؟
وهنا نتذكر قوله تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.
ولما فتح الله الفتوحات على رسوله وكثر أصحابه ودخل الناس في دين الله أفواجا إذ به يخطب الناس وينادي فيهم: أيها الناس: من كنت قد شتمته فهذا عرضي فليستقد منه.
إن رسول الله عندما مات عصفور لأخٍ لأنس بن مالك, إذ به يلاطفه ويداعبه ويقول له يا أبا عمير ما فعل النغير.
وعندما ارتحله الامام الحسن وهو ساجد، أي جلس على ظهره، إذ به يطيل السجود حتى ظن الصحابة أنه قُبض. فقالوا: يا رسول الله ظننا أنك قد قبضت! فقال: إن ابني هذا ارتحلني وكرهت أن أعجله.
وعندما كانت تدخل عليه فاطمة كان يقبّل من بين عينيها ويجلسها بجواره.
وقالت عائشة رضى الله عنها: سابقني النبي فسبقته, ثم سابقني فسبقني وقال لي: هذه بتلك.
كان رسول الله يقول بين السجدتين: اللهم اغفر لى وارحمنى واهدنى واجبرنى وارزقنى.
الله تعالى جبر بخاطر حبيبه عندما بكى من أجل أمّته. فأرسل الله عليه الأمين جبريل: إنّا سنرضيك فى أمّتك.
فاجبروا بخواطر العباد فى العيد.