كلما حان موعد حلول حادث الهجرة كان الشيخ محمد متولى الشعراوى أشد حرصا على أن يحفز محبّيه ومتابعيه أن يتسابقوا فى الفرار إلى الله بهجر الذنوب والمعاصى والآثام، مؤكدا أن كلمة “الهجرة” تطلق على الترك والتخلي عن الشئ، فـ”المهاجر من هجر ما نهى الله عنه” – كما في الحديث الشريف- وهي بهذا المعنى مطلقة من قيود الزمان والمكان، إذ بوسع كل مسلم أن يكون مهاجرا بالالتزام بأوامر الله والهجر للمعاصي، لكن الهجرة النبوية تتعلق بترك الموطن والانخلاع عن المكان بالتحول عنه إلى موطن آخر ابتغاء مرضاة الله رغم شدة تعلق الإنسان بموطنه وألفته للبيئة الطبيعية والاجتماعية فيه، وقد عبّر المهاجرون عن الحنين إلى مكة بقوة وخاصة في أيامهم الأولى حيث تشتد لوعتهم.
وتحتاج الهجرة إلى القدرة على التكيف مع الوسط الجديد “المدينة المنورة” حيث يختلف مناخها عن مناخ مكة.
وقد حاز المهاجرون شرفا عظيما في الدنيا فضلا عن ثواب الله ووعده الكريم، فقد اعتبروا أهل السبق في تأسيس دولة الإسلام فنالوا رضى الله والقرب منه قال تعالى: “والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم”.
وهكذا خلّد الله ذكرهم في القرآن الذي يتعبّد المسلمون بتلاوته إلى آخر الزمان.
ولم يكن النبي أول نبي يهاجر في سبيل الله بل مرّ بهذا الامتحان كثير من الانبياء، فكانت هجرة نبينا خاتمة لهجرات النبيين. وكانت نتائجها عميقة حيث شكلت منعطفا تاريخيا حاسما. فأدت إلى قيام دولة الإسلام في المدينة، وأرست ركائز المجتمع الإسلامي على أساس من الوحدة والمحبة والتكافل والتآخي والحرية والمساواة وضمان الحقوق.
اختتم الشيخ الشعراوى: بإمكاننا أن نهاجر مثلما هاجروا بتركنا للمعاصى والذنوب والآثام والتمسك بقيم ديننا الحنيف والتآسى بخلق سيدنا رسول الله.
رحم الله الشيخ الشعراوى رحمة واسعة.