>>من يقول الاحتفال بالمولد النبوي الشريف بدعة ” كلامه خاطئ”
>>من يعادون التصوف يجهلون معناه الحقيقي وعلى أهله نشر الفكر الصوفي الحق
>> التصوف هو السبيل الأمثل اليوم لتجديد الخطاب الديني
>> رموز التصوف ذو علم كالشافي ومالك والنووي والعسقلاني وآخرهم الطيب
>> تحريم الصلاة فى المساجد التى بها أضرحة عاري من الصحة وفقا للفقه
>> هناك فرق بين التصوف والتشيع، كبعد المشرقين
>> تكفير أهل التصوف تحامل غير مقبول ومردود على صاحبة
حوار – إسراء طلعت
قال الدكتور ربيع الغفير، الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر، إنه يجب علينا في هذه الأيام المباركة تضيء علينا أنوار ذكرى عظيمة وعزيزة على القلوب والأرواح، ذكرى ميلاد العزة والكرامة والشرف لهذه الأمة، في شخص نبيها وسيدها محمد ﷺ، الذي اصطفاه ربه على سائر الخلق، مؤكدا أن التصوف له تعريفات عديدة، مجملها تكمن في الصفاء والخلو بالنفس إلى الله سبحانه وتعالى، مشيرا إلى أن من يعادون التصوف هم من يجهلون معناه الحقيقي، لافتا إلى أن البعض يقتصر التصوف على التبدع والدروشة فقط وهو أمر غير صحيح.
وأضاف الغفير فى حوار، لـ”عقيدتي”، أن إزالة تلك الصورة السيئة المأخوذة عن التصوف تتطلب من أهل التصوف وشيوخه إظهار المفهوم الحقيقي للتصوف عن طريق المنابر الإعلامية المختلفة، وأن يوجهوا تلاميذهم إلى أن يكونوا قدوة صالحة فى قطاعات العمل المختلفة وأن يكونوا دعاة للتصوف بأخلاقهم وآدابهم ومعاملاتهم، مشيرا إلى أن التصوف هو السبيل الأمثل اليوم لتجديد الخطاب الديني ، وإلى نص الحوار
ماذا علينا أن فعل في ذكرى المولد النبوي الشريف؟
يجب علينا في هذه الأيام المباركة تضيء علينا أنوار ذكرى عظيمة وعزيزة على القلوب والأرواح، ذكرى ميلاد العزة والكرامة والشرف لهذه الأمة، في شخص نبيها وسيدها محمد ﷺ، الذي اصطفاه ربه على سائر الخلق، فيوم ميلاده ﷺ إشارة إلى قدوم النور الذي بدد ظلمات الباطل والجور، فهذا المولود المبارك ﷺ جاء ليكون رحمة للعالمين، ومنقذًا للبشرية؛ ليقودها إلى طريق الحق والعدل، ويطهرها من الظلم والفساد.
البعض يحرم الاحتفال بالمولد النبوي الشريف ويرون أنها بدعة؟
احتفال الأمة الإسلامية بميلاد نبيها ﷺ، هو فرح بكرم الله وفضله عليه لأن مَنّ عليهم بالرحمة في شخص رسولهم الكريم، الذي هداهم إلى الله وعرفهم على طريقه المستقيم، وفي هديه لهم السعادة في الدارين، مضيفًا، أن نظر البعض بسطحية للاحتفال بمولد النبي ﷺ ، هو الذي يذهب بهم إلى فكرة القول بأن الاحتفال بميلاد النبي ﷺ بدعة، ولو نظر هؤلاء إلى المعاني العميقة من وراء الاحتفال، لكان هؤلاء في مقدمة المحتفلين والفرحين بميلاد نبيهم، وواجبنا أن نأخذ بيد هؤلاء إلى الفهم الحقيقي للمغزى من وراء الاحتفال ولا نتركهم عرضة لأفكار شاردة لا تمت لمنهجنا بصلة.
فهذه الأفكار الشاردة تُلبس على الناس دينهم، من قال إن كل ما لم يفعله النبي ﷺ يعد بدعة وضلالة يقود إلى النار، فليخبرنا كيف جُمع المصحف في عهد أبي بكر وعثمان، وهو أمر لم يفعله رسول الله ﷺ؟ هل كان ذلك بدعة؟!، فهناك حالة من التلبيس تظهر في مجتمعاتنا مع قدوم هذه الذكرى العطرة، مضيفًا أن البدعة التي تدخل صاحبها النار، هي كل ما أُحدث بعد رسول الله ﷺ فيما لا أصل له في الدين.
أو يصادم أصلاً من أصول الدين، فهل الاحتفال بمولده والفرح به ليس له أصل في الدين؟! هذا كلام خاطيء. من قال إنه ﷺ لم يحتفل بمولده؟! إذاً لماذا كان يصوم ﷺ الاثنين والخميس؟! ولما سُئل عن صيام الاثنين قال: ” ذاك يوم ولدت فيه”، وفي هذا دليل علي أنه كان يحتفل بمولده كل أسبوع وليس كل عام.
البعض يتهم الصوفية بالتبدع، فبماذا ترد وما هو معنى التصوف الحق؟
التصوف الحق كما عرفه العلماء هو الخروج من كل خلق دني والدخول فى كل خلق سمي، والتصوف هو أن يصفوا الإنسان لله إلى قلبه بلا كدر والصوفي الحق هو من سلك طرق المصطفي، وترك الدنيا وراء القفا، وأيضا فى تعربف آخر الصوفي من استوى عنده التراب والذهب، والصوفي من خلى من الكدر وخلى من الغير، وامتلأ من الفكر واستوى عنده الذهب والمدر، والتصوف كذلك هو التخلى عن شهوات الحياة وزخارفها وأن يملأ حب الله ورسوله قلب الإنسان وهذا التصوف الحق، كما قال شيخ الطريقة الإمام الجنيدي، لابد أن يكون مرتبطا بالكتاب والسنة، ولذلك قال أحد ليس التصوف لبس الصوف ترقعه ولا بكائك إن غنا المغنون ولا اعتباط ولا رقص ولا طرب ولا صياح كمن كقد صرت مجنونا بل التصوف أن تصفو بلا كدر وتتبع الحق والقرآن والدين، وأن ترى خاشعا لله مبتهلا، على ذنوبك طول الضهر محزونا، هذا هو التصوف الحق، وهو معناه جميل جدا ، وهو مقام الإحسان فى حديث سيدنا جبريل، الإسلام الإيمان، الإحسان ، هو أن تعبد الله كأنه يراك فإن لم تكن تراه فهو يراك.
وماذا نحتاج من أهل التصوف كي يصل هذا المعنى الحقيقي للناس؟
الشيخ زروق فى كتاب قواعد التصوف، قال إن تعريفات التصوف تبلع 2000 تعريف، أما ماذا نريد من التصوف حتى يبلغ المعنى إلى الناس، فنحن بحاجة إلى أن يكثف الإعلام المحترم، وأن تتاح المنابر الإعلامية المحترمة لعرض قضية التصوف على حقيقتها، دون مزايدة ودون تحيز ولا تربص، لأن هناك الكثير من الناس لديه خلفيات سيئة عن التصوف، وهو عنده متمثل في أنه “دروشة” أو “رقص وطرب”، او تبطل وانعزال وانقطاع عن الحياة والدنيا والعمل، وهذه المعاني تحتاج إلى جهاد وعمل من أهل التصوف حتى يتم إظهار المعنى الحقيقي للتصوف.
وما هو المطلوب من مشايخ الطرق الصوفية؟
مطلوب من شيوخ الطرق الصوفية أن يوجهوا تلاميذهم ومريديهم، إلى أن يكونوا قدوة صالحة للناس فى قطاعات العمل المختلفة، وأن يكونوا دعاة للتصوف بأخلاقهم وآدابهم ومعاملاتهم، وأن يكثروا بالحديث عن التصوف بالكلمة المقروءة أو التليفزيونية والإذاعية.
كيف يساهم التصوف وأهله في تجديد الخطاب الديني؟
أرى أن التصوف هو السبيل الأمثل اليوم لتجديد الخطاب الديني، الناس تعاني اليوم من المادية والجفاف وانقطاع الصلة الروحية بينهم وبين الله سبحانه وتعالي، وأرى أن التصوف هذا المنحى الذى يقوم على الحجة هو النموذج الأمثل لتجديد الخطاب الديني، وربط الناس بالله سبحانه وتعالى ورسوله.
وما هي الخطوات العملية لتحقيق ذلك؟
لابد من نشر فكر التصوف عن طريق وسائل الإعلام المختلفة، فكان سيدنا على ابن ابي طالب كرم الله وجهه، يقول من جهل شيئا عاداه، والناس أعداء ما جهلوا، فكثير من الناس يجهلون حقيقة التصوف فيعادونه بناءا على السماع، لذلك لابد أن يتم التعريف بالتصوف للناس، فأفضل سبيل لإزالة هذه الفجوة، هي إيصال الصورة الحقيقية.
كيف ترى دعوات تكفير أهل التصوف؟
هذا تحامل غير مقبول بالمرة على التصوف والصوفية، لسبب بسيط جدا، لإن الكفر والإيمان قضية تم حسمها في العقيدة، لها سبيل واحد ودائما فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، يتكلم عنه، هو ألا يخرجك من الإيمان إلا جحد ما أدخلك فيه، فهل الصوفية يجحدون حقائق الإيمان؟، وهى الإيمان بالله والملائكة واليوم الآخر والقدر، فهل الصوفية يجحدون هذه الحقائق؟، لا طبعا، لذلك لا يمكن أن نحكم على الصوفية بذلك، وأؤكد أن الحكم بالتكفير مثل هذا يرتد على صاحبة، من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها أحدهم.
البعض يتهم التصوف بالتشيع والبعض الأخر يختلط عليه الأمر، فنريد أن نوضح الفرق بينهم؟
هناك فرق بين التصوف والتشيع، كبعد المشرقين، التصوف هذا المعنى الروحي أو الوجداني الذي أوضحناه في بداية الحوار، القائم على حب الله ورسوله وأهل بيته والزهد في الدنيا، وأن اتمنى للناس الخير، تلك هي المحاور التى يقوم عليها التصوف، لكن من يربطون بين التصوف والتشيع، هو أنه من دعامات التصوف هو حب أهل البيت، اما التشيع الحق المعتدل هو التشيع لأهل بيت رسول الله، ” إن من شيعته لإبراهيم” أي من محبيه وأنصاره، أما التشيع الذي فيه تحيز أو البعد والمغالاة الذي يزعم أن على رسول أو إله أو نصف إله كما زعمت غلاة الشيعة وهذا كله مرفوض، وهى منتجات فارسية، لكن التشيع الحق الذي يبين حب الله ورسوله وآل بيته، وأنه لا إله إلا الله وأن سيدنا محمد رسول الله وأن علي ولي الله، هذا ما نقوله ونؤمن به.
كيف ترى دعوات تحريم الصلاة في المساجد التى بها أضرحه؟
هذه أحكام عارية عن الفقه والتحقيق الفقهي، وإذا درسنا المسألة من الناحية الفقهية، سنجد أن الفقهاء درسوها كالآتي، أن الصلاة في المساجد التى فيها قبور، إما أن يكون القبر عن يميني أو عن شمالي أو عن خلفي، فتجوز الصلاة بلا أيه كراهه، وإذا كان بيني وبينه حائل فلا كراهه أيضا، وتصح الصلاة، إما اذا كانت بلا حائل بيني وبين الضريح فهنا تكره الصلاة ولكنها تصح مع الكراهه، وهذا هو التوصيف الفقهي للمسألة.
يرى البعض أن مريدي التصوف معظمهم من كبار السن والشيوخ، وهناك عزوف من الشباب فكيف ترى ذلك؟
أرى العكس تماما، هو أن هناك العديد من الشباب والفتيات يسلكون طرق التصوف، لكنهم يحتاجون إلى من يأخذ بأيديهم إلى الطريق السليم.
ومن هم أبرز أئمة التصوف القدامي؟
هناك عدد كبير من رموز التصوف فالإمام الشافعي كان من أهل التصوف، والإمام ابن حجر العسقلاني، والإمام النووي والإمام مالك، فهناك الكثير من العلماء والأئمة والمحدثين كانوا صوفية، كالإمام الشقيري، وابن عطاء الله
السكندري، وكان كلهم محدثين وأهل علم، وعدد كبير من علماء الأزهر الشريف ينتمون للصوفية وآخرهم فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، من أقطاب التصوف.