قال الله سبحانه وتعالي (ولا تقتلوا النفس التي حرَّم الله إلا بالحق) ونهانا عن قتل الجريح والأسير, والعدوان علي دور العبادة, واحترام حرية الآخرين في معتقداتهم وما يؤمنون به, وجعل الحساب له وحده عن الإيمان والكفر.
ودائما النفس النقية ترفض الإرهاب في شتي صوره, حتي في أسلوب الترويع, ولو كان علي سبيل المزاح.
وذلك بالطبع شئ جيد وفضيلة- وإن كانت في الأصل أمر ديني- فقد نهانا الدين عن ترويع الآمنين، ولكن غالبا نجد أن الذين يرفضون الإرهاب ينقسمون إلي قسمين، الأول: وهم من يرفضون الإرهاب جملة وتفصيلا, وفي كل حال وهؤلاء هم الأسوياء.
والقسم الثاني: وهم الذين يرفضون الإرهاب حسب جنس ودين الشخص الذي يقوم به! وهؤلاء تراهم لا يهتمون كثيرا عندما يكون الإرهاب بين المسلمين بعضهم والبعض، فمثلا لا يستاءون كثيرا للذين يموتون في سوريا بيد السوريين, ولا في اليمن بيد العرب الآخرين، ولا في العراق بين الشيعة والسنة، بل حتي في البلد الواحد مثل حوادث الثأر في الصعيد, فهم لا يهتمون بمن يموت من الأبرياء, لأنه تصادف مروره في مكان الحادث!
هؤلاء لا يحركهم إلا إذا كان الإرهاب من شخص أجنبي أو شخص غير مسلم ضد المسلم، وهؤلاء في المقابل تراهم أيضا ربما يفرحون في موت أبرياء طالما لا ينتمون لنفس طائفتهم السياسية أو الدينية! وهؤلاء إرهابيون أكثر من الإرهابيين الذين يقومون بالقتل, لأنهم يقتلون الضمير, ويقتلون الدين، ويجعلون من أنفسهم آلهة! وبالرغم من قيامهم بتلك الجرائم تجدهم يصلّون ويصومون ويتحدثون بالدين!
إن الذين يستحلّون قتل من يخالفهم في الدين وهم ليسوا علي حرب معه, حسابهم جهنم وبئس المصير, حتي الحارس لو كان مسلما وكان يعمل في حراسة يهودي أو مسيحي أو هندوسي وقتله, فهو يستحق القتل شرعا, بالرغم أن من قتله غير مسلم.
وهؤلاء هم المتشددون الجدد والذين يأتون بدين جديد, فيقولون أنه لابد من أن نقتل من هم علي نفس ديانة القاتل أو علي نفس مذهبه أو علي نفس انتمائه السياسي, وينسون أن الله حرَّم قتل النفس إلا بالحق, وهو القصاص من الفاعل نفسه.
من حقنا كدول مسلمة أن نطالب بحماية الأقليات المسلمة في دول الغرب وتأمين دور العبادة لهم, ومحاكمة الجاني بأقصي العقوبة لأنه قتل إنسانا مسالما يؤدي فريضة ربه, ولم يقم بالعدوان علي أحد.
يجب أن تخطو الدول المسلمة خطوات للحفاظ علي جالياتها في الدول غير المسلمة مثل وضع حراسات علي المساجد أو حتي أماكن احتفالات المسلمين, مثلما يحدث في مصر من تأمين للكنائس.
ويجب أن تطالب الدول المسلمة من الدول الأجنبية ملاحقة المتهمين والبحث في سجلّهم وربما تكون هناك منظمات أو مدارس لتخريج مثل هؤلاء الناس, فيجب القضاء عليها ووأد تلك الأفكار في مهدها.
ويجب أن نطالبهم بنشر قيم التسامح وإفهامهم أن الدين الإسلامي أو الأديان عموما لا ترتضي القتل أو الظلم أو الإرهاب أو التعذيب، آن لنا في كل بقاع الأرض أن نحارب الفكر المتطرف بالفكر المعتدل وذلك بالتنشئة الصحيحة من بداية سنوات الدراسة, فكما يوجد بروتوكول تعاون اقتصادي بين الدول, لابد من وجود برتوكول تعاون اجتماعي تربوي.