لاشك أن الإسلام قد أعطى للمرأة مكانة عظيمة وجعلها مكرَّمة مصونة، وحفظ لها حقوقها كاملة مالها وما عليها، وقد أثبتت المرأة وعلى مدار تاريخ طويل أنها طرف أساسى فى بناء الوطن وشريك مكمِّل لجميع أركانه وتحدياته، وهذا ما أشار إليه السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، فى الكلمة التى وجّهها سيادته فى الاحتفال بتكريم المرأة والأم المثالية،
مؤكدا أن الأم هى طاقة العطاء والتضحية والملاذ الآمن لزوجها فى الأزمات والداعم الحقيقى له بلا حدود، وأن تطوّر ورُقى أى مجتمع يرتبط ارتباطا وثيقا بوعى المرأة ومساهمتها فى البناء والتنمية، لذلك كان توجيه الرئيس المباشر للحكومة وللجهات المسئولة بوضع تشريعات مناسبة لحماية المرأة من كافة أشكال العنف مع دراسة إصدار قانون جديد للأحوال الشخصية يحفظ لها كرامتها وصونها من كافة صنوف الاضطهاد الذى تتعرَّض له فى حياتها.
قانون الأحوال الشخصية
لذا فإن قانون الأحوال الشخصية الجديد والمُزمع إعداده، يحب أن يُركِّز على مبادئ ثابتة تتمثل فى أنه قانون يحمى الأسرة جميعها ويعظِّم فرص زيادة الترابط الأُسرى ويحفظ حقوق المرأة كاملة.
وإذا كان إنصاف المرأة واجبا اجتماعيا وتشريعيا، وضرورة حضارية، وتعبيرا حقيقيا عن سماحة الإسلام، فإن تحقيق هذا الإنصاف لابد وأن يكون مشروطا بعدة شروط أراها فيما يلي:
أن يحافظ القانون الجديد فى المدى القريب والبعيد- على حد سواء- على مقوِّمات بناء الأسرة فى الإسلام، وهى الُمعاشرة بالمعروف وكون النساء لهن مثل الذى عليهن بالمعروف وكون الرجال لهم عليهن درجة.
حقوق الزوج
ألا يؤدّى إنصاف المرأة إلى استلاب حقوق الزوج التى أقرّها الإسلام، سواء بنص قرآنى أو بحديث نبوى صحيح، وألا يتم «َلى أعناق » النصوص واجتزاؤها لخدمة أغراض معينة.
ألا تنقل أسرار البيوت ووثائق تفاصيل حياة الزوجين من داخل الغُرف الُمغلقة إلى ساحات المحاكم، لأى سبب وتحت أى دعوي، إلا فى حالات الضرورة القصوى.
ألا تؤخذ حالات فردية نادرة لتعديل أوضاع مستقرة لا تُمثل شكوى جماعية على المستوى العام.
نظام الأسرة
ألا يعتبر القائمون على إعداد القانون أن الرجال والنساء طرفاً خصومة ونزاع، ولكن اعتبارهما متكاملين متعاونين متلازمين، وبذلك تسود روح الأخوّة والتسامح التى أرسى قواعدها الإسلام، وليست روح التنافر والتنازع والصدام الناتجة عن الحضارة الغربية المادية التى هجرت الدين وحطّمت نظام الأُسرة.
دور الأزهر
ألا يغفل القائمون على هذا الأمر دور الأزهر وهيئة كبار العلماء، باعتباره طرفا رئيسا فى القضية، وأن يحرص مجلس النواب على أن يتفق القانون الجديد مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وأن يكون الأزهر الشريف شريك فى كل الجلسات للمناقشة والرد على جميع تساؤلات النواب الخاصة بالقانون، وأن تتسع المناقشات للرأى والرأى الآخر،
وأن يكون هناك متّسع لعلماء الدين وليس لرأى واحد ينظر إليه على أنه الحجة والقول الفصل، فالقول الفصل هو ما ورد فى كتاب الله تعالي، وكل إنسان يُؤخذ منه ويُرد إلا المعصوم، صلى الله عليه وسلم.
ألا تكون هناك عجلة من الأمر، فهذا القانون يستحق أن يأخذ أياما وأسابيع، لكى تناقش مواده بكل تفصيل ودقة وسعة أُفق ورحابة صدر، لأنه سوف يحكم حركة الأسرة والمجتمع لأجيال قادمة.
وختاما.. قال تعالى:
«وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أُجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلَّهم يرشُدون ،»
صدق الله العظيم… البقرة آية 137