كتب- مصطفى ياسين:
صدر كتاب للدكتور عبدالعزيز بن عثمان التويجري- المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو”، الأمين العام لاتحاد جامعات العالم الإسلامي- بعنوان (في حوار الثقافات لبناء السلام العالمي).
يشتمل الكتاب، الذي صدر ضمن منشورات الإيسيسكو، على سبعة فصول تتناول موضوعات تدور حول: حوار الثقافات وتحالف الحضارات والتعاون الدولي من أجل بناء السلام العالمي، هي: الحوار وتحالف الحضارات، التواصل الحضاري والتفاهم بين الشعوب، حوار الثقافات لمواجهة العنصرية، الإعلام والحوار بين الثقافات، الدلالات الإنسانية لتحالف الحضارات، معوّقات السلام في العصر المعاصر، الإسلام والتعايش بين الأديان في القرن 21.
قيم الحوار
وجاء في مقدمة الكتاب أن الأزمات الدولية كلما تفاقمت على عديد من الأصعدة، وتصاعدت موجات الكراهية والعنصرية والتمييز العرقي والثقافي والديني، تعاظمت أهمية تعزيز قيم الحوار بين الثقافات والحضارات وأتباع الأديان على مستويات مختلفة، لنشر مبادئ التفاهم والوئام والتسامح والاحترام المتبادل بين الأمم والشعوب، وللإسهام مع البُـنـاة الحكماء في إقامة صروح السلام في القلوب، قبل أن تقام في الأرض ليستتب الأمن، وليزدهر السلم، ولتنمو العلاقات الدولية على نحو يؤسّس لنظام عالمي إنساني حضاري جديد على قواعد من القانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي ظل احترام الخصوصيات الروحية والثقافية والحضارية للأمم والشعوب كافة.
سَنَة الحوار
وحلَّلت المقدمة الوضعَ الدوليَّ الحالي في ظل تعثر الجهود المبذولة لتعزيز قيم الحوار، فخلصت إلى أن إطلاق السنة الدولية لحوار الثقافات، على الرغم من أنه يوشك أن يمـر عليه اليوم عقدان من الزمن: (2019-2001) فإن أحوال العالم السياسية، وأوضاعه الإنسانية، وشؤونه الثقافية والفكرية لا تزال دون ما خطط لهذه السنة الدولية من أهداف سامية توافقت عليها الإرادة الجماعية للمجتمع الدولي، وبحيث يكاد أن يكون المناخ العام الذي يطبع المرحلة التاريخية الحالية التي يعيشها العالم، على نحو قريب الشبه مما كان عليه قبل سنة 2001، وإنْ كان هذا الواقع الذي لا يُرضي ذوي الضمائر الحيّـة، لا يعني، بأي حال من الأحوال، إخفاق الجهود الدولية الدؤوب التي بُذلت في مجال نشر ثقافة الحوار على نطاق واسع، وبشتى وسائل التوعية والتنوير والتأثير والإقناع، أو هو يعبر على نحوٍ ما، عن نوع من الانتكاسة التي تبعث على اليأس، لأن الحوار هو الاختيار الاستراتيجي الذي لا يمكن أن يُـستغنى عنه، مهما اعترضت طريقه العراقيل، وقَاسَـى القائمون عليه من المعاناة والمكابدة وإفراغ الجهد المتواصل الذي لا يتوقف.
واستطردت المقدمة في الحديث عن العوامل التي تعرقل جهود المجتمع الدولي لبناء السلام العالمي، فقالت: (لقد تأكد من خلال الممارسات المستمرة في حقل الحوار بين الثقافات والحضارات وأتباع الأديان، أن الإنسانية اليوم في أشدّ الحاجة إلى مواصلة الجهود لتعزيز قيم الحوار على مختلف الصُـعُـد، باعتباره الطريق نحو بناء السلام العالمي، مما يجوز معه أن نقول، بكل الثقة واليقين، إن الحوار هو قـدر العالم خلال هذه المرحلة وفي المراحل المقبلة، وهو اختيار الحكماء من ذوي الرؤية الثاقبة والإحساس العميق بالمسؤولية الإنسانية، ومنهج العقلاء الذين يقدرون رسالة الحوار ويلتزمون المبادئ التي يقوم عليها، وإحدى الوسائل الفاعلة والمؤثرة والمقنعة لتعزيز ثقافة العدل والسلام وإشاعتها، لإنقاذ العالم من الأوضاع غير المستقرة التي تهدد الأمن والسلم الدوليين).
حوار الثقافات
ويضم الكتاب فصولاً تدور حول حوار الثقافات وما يتفرع عنه من قضايا فكرية وثقافية ذات أبعاد سياسية، وآفاق إنسانية، من خلال رؤية فكرية تنطلق من منظور حضاري. ويقول المؤلف عن مضمون الكتاب: (لئـن تعددت القضايا التي يعالجها الكتاب، وتباعدت المناسبات التي حررت فيها، واختلفت الدواعي لكتابتها، فإنها من حيث العمق والجوهر والمنطلق والهدف البعيد، تصبُّ جميعُها في قناة حوار الثقافات، بالمفهوم العام العميق الذي يشمل حوار الحضارات والحوار بين أتباع الأديان، ويراعي الظروف الدولية الحالية، ويستشرف آفاق المستقبل، في ضوء المبادئ والقواعد التي يستند إليها الحوار الإنساني الهادف والراقي، الذي يبني السلام ويحفظه ويصونه وينشر رسالته في الآفاق).
السلام العالمى
ويؤكد المؤلف د. التويجري، في المقدمة المركزة التي تلخص الأفكار الرئيسة الواردة في الكتاب، أن بناء السلام العالمي هو الهـدف الاستراتيجي لحوار الثقافات وتحالف الحضارات والحوار بين أتباع الأديان، لأن السلام يُـبنَى في العقول والضمائر، ويعبر عنه الإنسان في سلوكه ومعاملته مع محيطه الخاص والعام، فينعكس على المواقف والسياسات والمبادرات التي تتخذها دول العالم بناءً على الاقتناع برسالة الحوار الثقافية والحضارية والروحية والإنسانية.