مصطفى ياسين
شهد مركزالبيلسان للمعارض، في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، بمنطقة مكة المكرمة، بالمملكة العربية السعودية، حفل تكريم د. عبدالعزيز بن عثمان التويجري- المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو”- اعترافا بدوره الكبير في تعزيز العمل الإسلامي المشترك، والارتقاء بالمنظمة وتطويرها ومدّ إشعاعها، وتقديرا لجهوده المخلصة في إدارة أعمالها، وجعلها منظمة دولية كبيرة لها حضورُها الفاعل على الساحتين الإسلامية والدولية.
وتسلمت د. أمينة الحجري- المديرة العامة المساعدة للإيسيسكو- درع التكريم نيابة عنه من د. حمد بن محمد بن حمد آل الشيخ- وزير التعليم السعودي- كما تسلَّمت من سفير جمهورية الكاميرون المعتمد في الرياض، الوسام الوطني من الدرجة الأولى ordre de la valeur الذي أهداه فخامة الرئيس الكاميروني السيد بول بييا للدكتور التويجري، اعترافا بما حققه للإيسيسكو من تطور وإشعاع وما قدمه من خدمات جليلة للعمل الإسلامي المشترك.
كما شهد مركزالبيلسان، تعيين د. سالم بن محمد المالك، مديرا عاما جديدا للإيسيسكو، بناء على ترشيح من السعودية، وموافقة المؤتمر العام للإيسيسكو في دورته الاستثنائية الثالثة التي عقدت يوم الخميس 9 مايو 2019.
وبذلك يخلف د. سالم بن محمد المالك، د. التويجري، لإكمال ولاية المدير العام السابق التي تنتهي في 31 ديسمبر 2021، ولفترة جديدة تنتهي في 31 ديسمبر 2024 .
يذكر أن د. سالم المالك، حاصل على دكتوراه في طب الحساسية والمناعة، ودكتوراه في طب الأطفال، وشغل مناصب عديدة منها: المشرف العام بالإدارة العامة للتعاون الدولي في وزارة التعليم السعودية، ومستشار الوزير للشئون الصحية، ومستشار لهيئات سعودية، ورئيس لعدد من اللجان الإشرافية في وزارة التعليم السعودية، وعضو مجالس ولجان محلية ودولية في المجال الصحي والإبداع والابتكار. وله أبحاث عديدة منشورة في المجلات الدورية الطبية، ومؤلفات في مجالات مختلفة، وإبداعات شعرية، كما له مساهمات في العمل التطوعي.
تعهّد والتزام
وفي كلمة ألقاها بعد تعيينه مديرا عاما للإيسيسكو، أكد د. سالم بن محمد المالك، التزامه الكامل بأهداف الإيسيسكو وتعهد بالعمل على تطويرها وتوسيع دائرة إشعاعها، حيث ألقى كلمة في الجلسة العامة الأولى للمؤتمر العام للإيسيسكو، في دورته الاستثنائية الثالثة التي عقدت بمدينة الملك عبدالله الاقتصادية في منطقة مكة المكرمة، وفي مستهل كلمته رفع إلى خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين، أسمى آيات الشكر والعرفان على الثقة الملكية الغالية بترشيحه للمنصب، كما توجه إلى العاهل المغربي جلالة الملك محمد السادس، بأصدق عبارات الامتنان على الرعاية الكريمة التي ما فتئ يُنعم بها على الإيسيسكو، وعلى التسهيلات المتصلة التي تقدمها حكومة المملكة المغربية من أجل قيام الإيسيسكو بمهامها في أحسن الظروف، كما ترحم على روح الملك الحسن الثاني، الذي احتضن الإيسيسكو وحرص على تأسيسها على قواعد صلبة وركائز قوية، وعلى الأستاذ عبدالهادي أبوطالب، المدير العام الأول للإيسيسكو.
وقال د. المالك: “إن الإيسيسكو سعت منذ تأسيسها إلى العمل على تحقيق أهدافها وغاياتها المرتبطة بالتربية والعلوم والثقافة، وبإذن الله، سنستمرّ في مواصلة المسيرة آخذين بعين الاعتبار ملامح التحولات الاجتماعية والمتغيرات التي تشهدها الدول الأعضاء في الإيسيسكو”.
وأكد أن مسيرة البناء تعتمد في جوهرها على التعاون والعمل المشترك بين الدول الأعضاء من خلال المنظمة ومعها، مشيرا إلى أن الإيسيسكو حري بها أن تكون بيت الخبرة الحاضن للفكر والثقافة الاسلامية، من محاربها ترسم الرؤى الثقافية وفي مكاتبها تبني الاستراتيجيات التربوية ومن قاعاتها يستشرف المستقبل.
وأضاف قائلا: ”إننا نعيش في عالم الذكاء الاصطناعي وفضاء البيانات الكبيرة والتقنيات الحديثة وآفاق المدارس الافتراضية، ولابد للإيسيسكو أن تتعامل مع هذه المتغيرات وتعمل على استفادة الدول الأعضاء من هذه الخدمات، من خلال التأهيل والتكوين والتدريب والبحث والإبداع والابتكار.”
شراكات استراتيجية
وأوضح د. المالك، أنه في عصرنا الحاضر، يلزم بناء شراكات استراتيجية مع المنظمات الأممية المماثلة والإقليمية، وفي مقدمتها منظومة التعاون الإسلامي التي تعتبر الإيسيسكو أحد أجهزتها المتخصصة، وكذلك مع القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في الدول الأعضاء، وبالأخص تلك التي لها خبرة وتتميز في تعاونها وعملها مع المنظمات الدولية.
وأعلن أن من المشاريع التي سيسعى لتحقيقها تحقيقها، أن يكون للإيسيسكو “مشروع وقفي” (صندوق استثماري) مستمد من هبات وعطايا الحكومات والملوك والرؤساء والمؤسسات الخيرية ورجال الأعمال والبنوك، توضع له أنظمته وقوانينه ويصرف ريعه على بعض المشاريع المستحدثة في الايسيسكو، وعلى برامج خاصة تهتم بقضايا الشباب وبناء المجتمع.
وأكد أن الإيسيسكو ستعمل بشكل كبير على تعزيز دورها تجاه صون المقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس الشريف، من محاولات التهويد والطمس والهدم المستمر. وكذلك على وضع آليات عملية للمحافظة على تراث الدول الأعضاء المادي وغير المادي، خصوصاً فيما يتعلق بصونه والمحافظة عليه.
كما ستقوم الإيسيسكو بدور رائد في التعاون مع الدول الأعضاء في تعزيز الهوية الاسلامية وترسيخ الثقافة الاسلامية وقيم العيش المشترك وفي مواجهة التطرف والعنف والطائفية. ولابد لها من تعميق الوعي الفكري بالقضايا الإنسانية والاجتماعية المؤثرة في تطوير المجتمعات وبناء قدراتها.
ودعا د. المالك، إلى استئصال آفة الأمية والفقر والجهل والتطرف والغلو من خلال غرس بذور العلم والثقافة الفكرية وتعزيز الهوية الاسلامية ونبذ التعصب والتطرف والطائفية، وأكد أن الإيسيسكو لن تستطيع القيام بمهامها وتحقيق رؤاها وما هو مرتجى منها ما لم تحظى بمؤازرة ودعم الدول الأعضاء على جميع الأصعدة والمستويات علمياً وفكرياً وثقافياً واتصاليًا.
استمرار المسيرة
من جانبه وجَّه د. عبدالعزيز التويجري، كلمة إلى المؤتمر العام الاستثنائي الثالث للإيسيسكو، دعا فيها إلى استـمـرار مسيـرة الإيسيسكو المتميـزة لتبقى دائماً منارة مشعة للتضامن الإسلامي وقاطرة دافعة للعمل الإسلامي المشترك، قائلا: على مقربة من بيت الله الحرام، أخاطبكم، شاكراً الله تعالى على ما أنعم به علينا جميعاً من نجاح كبير في الارتقاء بالإيسيسكو وتطويرها ومدّ إشعاعها، تَوَاصَـلَت حلقاته واتسعت آثارُه على مدى ثلاثة عقود، حتى أنجزنا، بتوفيق من المولى سبحانه، المهمة الجليلة التي حمّلني إيّاها المؤتمر العام للمنظمة، في دورته الرابعة المنعقدة في الرباط عاصمة المملكة المغربية دولة المقر، محقّقينَ، ولله الحمد، إنجازاتٍ تَرَاكَمَت حصيلتُها وارتفع رصيدُها، نقلت الإيسيسكو من منظمةٍ إقليميةٍ محدودةِ الإمكانات ضيقةِ الاختصاصات، تضمّ أربعاً وعشرين دولة عضواً، إلى منظمة دولية كبيرة لها حضورُها الفاعل على الساحتين الإسلامية والدولية، متعددة مجالات العمل، متنوعة المهام التي تضطلع بها، ارتفع عدد أعضائها ليُصبح أربعاً وخمسين دولة، ترتبط بشبكة من علاقات التعاون والشراكة مع نحو مائتين وثلاثين منظمة دولية وإقليمية ذات الاهتمام المشترك، ولها مكاتب إقليمية ومراكز تربوية وإعلامية في عدد من الدول الأعضاء، وسفراء للنوايا الحسنة، ووضعت سبع عشرة استراتيجية قطاعية، وتُشرف على عقد أربعة مؤتمرات وزارية متخصّـصة، إلى جانب تشييد مقرّها الدائم في الرباط الذي يشكّـل معلماً حضاريا متميزاً يعزّز العمل الإسلامي المشترك، وسعينا بعزيمة قوية، وبرؤية متفتحة، وبثقة متزايدة من الدول الأعضاء كافة، إلى الإسهام في النهوض بالعالم الإسلامي في المجالات الحيويّة التي تدخل ضمن اختصاصاتها، وفي تعزيز العمل الإسلامي المشترك وتطويره وتعميقه وترسيخ دعائمه وتوسيع مجالاته، وفي دعم الجهود الدولية من أجل تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ونشر قيم الحوار بين الثقافات والحضارات وأتباع الأديان، وإشاعة مبادئ العدل والسلام والوئام والتعايش بين الأمم والشعوب، حتى ارتقت هذه المنظمة الناهضة إلى مصاف المنظمات الدولية الناجحة، وصارت اليوم نموذجاً راقياً للتضامن الإسلامي في أقوى تجلياته.
وقال د. التويجري- في كلمته التي تلتها بالنيابة عنه د. أمينة الحجري، المديرة العامة المساعدة للإيسيسكو-: الحمد لله على ما أكرم وأنعم. والحمد لله على أن يسَّر لنا الوسائل ومهَّد أمامنا السبل لبلوغ المستوى الراقيَّ الذي حققناه في أعمالنا، كفريق عمل متجانس متفاهم متضامن، وكأسرة إسلامية مؤيِّدة ومسانِدة وداعِمة، فأدّينا الأمانة على النحو الذي نرجو أن يكون أرضى الله عزَّ وجل، وبلّغنا الرسالةَ إلى العالم الإسلامي حاملينَ الرؤية الحضارية الإسلامية الإنسانية إلى العالم أجمع، فكنا رسل سلام ومحبة ووئام، ودعاة إخاء وبناء ونماء، إلى أن تبوأت الإيسيسكو المكانة الرفيعة التي هي جديرةٌ بها.
واختتم د. التويجري كلمته بقوله: إنني على ثقة في استمرار مسيرة الإيسيسكو المتميّزة لتبقى دائماً منارةً مشعةً للتضامن الإسلامي، وقاطرةً دافعةً للعمل الإسلامي المشترك في مجالات البناء الحضاري، ولتحقق المزيد من الإنجازات على جميع المستويات، سواء منها ما يتعلق بأهداف المنظمة، التي تحددها خطة العمل الثلاثية، ويحكمها الميثاق والأنظمة المعمول بها، أو ما يتعلق منها بمصالح موظفيها ومواصلة عطائهم بروح الفريق الواحد.