قامت بالزيارة: مروة غانم
عبَّر د. محمود الصاوى- أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية، وكيل كلية الإعلام بجامعة الأزهر بالقاهرة- عن حزنه الشديد لتراجع معدلات القراءة لدى الشعوب العربية وارتفاعها لدى الأوروبيين،
مشيرا إلى أن ترك القراءة هى كارثة الكوارث وسبب النكبات والأزمات التى تعانى منها الأمة، لافتا الى أن ترك باحثى اليوم للقرءاة حتى فى مجال تخصصهم انعكس بالسلب على مستواهم وإنتاجهم العلمى،
مشددا على أن القرءاة بالنسبة له تمثل الحياة، موضحا أن مكتبته تحتوى على أكثر من عشرة آلاف كتاب كلها مفضلة بالنسبة له، وان كان للشعر ودواوينه مكانة خاصة لديه، مرجعا الفضل فى حبه للقراءة إلى والده الشيخ الصاوى عبدالرحيم.
“عقيدتى” تواصلت معه، فكان هذا الحوار الثرى حول القراءة وأهميتها، وماذا تمثل له وأهم الكتب فى مكتبته وأشهر مؤلفاته وغيرها؟
*بداية ماذا تمثل القراءة بالنسبة لك؟
** القراءة هى الحياة بالنسبة لى ويكفيها شرفا أن أول آية نزلت فى كتاب الله عزَّ وجلَّ كانت أمر بالقراءة على إطلاقها فى كل العلوم والمعارف وليس فقط فى علوم الشريعة فقها وحديثا وأخلاقا، حيث قال جل شأنه: “اقرأ باسم ربك الذى خلق. خلق الإنسان من علق”، والعلق هى مرحلة من مراحل تطور الجنين, فالقراءة شئ مهم فى حياتى لا استطيع العيش بدونه ولا يمكن الاستغناء عنها ولن أبالغ اذا قلت أنها بمثابة الماء والهواء.
أسرة أزهرية
*من الذى شجعك على القراءة وحببها اليك؟
** لقد نشأت طفلا مع إخوتى الثمانية فى إحدى قرى محافظة أسيوط، وتفتحت عيناى على والدى الشيخ الصاوى عبدالرحيم- إمام القرية- وشيخها المحبوب، الساعى فى خدمة أهلها وحل مشكلاتهم والتوسعة عليهم من خلال تجارته، وكان لدى أبى مكتبة كبيرة عامرة بأمهات الكتب فى مختلف الفنون والمعارف لان جدى كان مشتركا فى مطابع الحلبى بالقاهرة وكانوا يرسلون له دائما كل جديد فى إصداراتهم، ورغم انشغال والدى بتجارته وعمله الدعوى إلا أنه كان يخصص لنا وقتا طويلا ليقص علينا خلاصة كتاب قرأه، فزرع فينا جميعا حب القراءة وكان يشجعنا على حفظ الشعر والاطلاع على دواوينه منذ نعومة أظافرنا،
كما حرص على إلحاقنا جميعا بالأزهر الشريف لننهل من علمه الدينى والدنيوى، لذا نشأنا جميعا محبين للقراءة، فكلنا أزهريون، وبفضل الله نجح والدى فى تحفيظنا كتاب الله ونحن دون الثمانى سنوات، وقد حصلنا على العديد من الجوائز على مستوى الجمهورية بفضل حفظنا لكتاب الله، فشقيقى الأكبر د. صلاح الصاوى- الفقيه والمفكر والداعية ويشغل منصب الأمين العام لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا ورئيس الجامعة الإسلامية بأمريكا الشمالية- وكان لأخى د. أحمد الصاوى- الباحث الاعلامى وأول رئيس تحرير لمجلة الإعجاز العلمى فى القرآن الكريم والسنة المطهرة بمكة المكرمة وصاحب جريدة ثورة التعليم- دور كبير فى التشجيع وكان من روافد التحفيز على حب القراءة فى الدواوين الشعرية، فأبى هو معلمى الأول- رحمه الله- غرس حب القراءة فى قلوبنا جميعا.
أول كتاب
*هل تتذكر قصة أول كتاب قمت بشرائه؟
** كنت حريصا على اقتناء المجلات الاسبوعية مثل ميكى وسمير وميكى جب، لكننى أتذكر أن أول كتاب كنت أتمنى قراءته حينما كنت فى العاشرة من عمرى هو كتاب “الحجاج الثقفى” لجورجى زيدان، لذا قمت بادخار مصروفى كله لفترة من الوقت كى أتمكن من شرائه وبالفعل اشتريته وابنهرت به وبالمعلومات التى يضمها وكان ذلك من ضمن أسباب تسجيلى رسالة الماجستير عن مجلة الهلال وجورجى زيدان وموقفه من الثقافة الاسلامية وقمت بتحليل كل رواياته التاريخية فى هذا البحث العلمى.
أوقات القراءة
*هل تفضل القراءة فى أوقات معينة؟
** ليس للقراءة وقتا محددا, فنوعية القراءة هى التى تفرض الوقت المحدد لها، فقراءة الدواوين والادب تختلف فى وقتها عن قراءة التحصيل والتحكيم العلمى، فكل قراءة مرتبطة بنوعيتها ولا يجب أن ننسى أن الشبكة العنكبوتية متاحة طوال الوقت ولا نكف عن التعامل معها باستمرار فهى لا تفرض وقتا محددا للقراءة.
أمة اقرأ
*للأسف الشديد أمة اقرأ لا تقرأ، فما السبب من وجهة نظرك؟
** حقيقة هذه مشكلة كبيرة فلما أصبحت أمة اقرأ لا تقرأ حلَّت بها النكبات والمصائب والهزائم والخذلان، وثمة فجوة هائلة بين معدلات القراءة فى مجتمعاتنا العربية وبين المجتمعات الغربية، وهذا شئ مخزٍ ومخجل، فتجد متوسط قراءة الأوروبى يصل الى 200 ساعة فى حين لا يتعدى متوسط القراءة لدى العربى التسع دقائق!
*وهل تكتفى بالقرءاة فى مجال تخصصك أم تقرأ فى مجالات متنوعة؟
** بالطبع أقرأ فى مجال تخصصى، لكننى أفضل القراءة فى شتى المجالات وان كنت افضل قراءة الدواوين والكتب الأدبية.
عشرة آلاف كتاب
*هل تعرف عدد الكتب التى تحتويها مكتبتك الخاصة؟
** فى حقيقة الأمر ليس لدى فهرسة لمكتبتى، لكننى أظن أن عدد الكتب بالمكتبة يتجاوز العشرة آلاف كتاب، لأن لدى شهوة كبيرة ومتأصلة فى شراء الكتب، وان كانت الكتب الإلكترونية متاحة للجميع وخففت من شهوة اقتناء الكتب الورقية.
أهم الكتب
*ما هى أهم الكتب التى تحتويها مكتبتك؟
** كل كتاب أقتنيه له أهمية خاصة لدى، فمكتبتى تحتوى العديد من كتب التراث مثل صحيح البخارى ومسلم والترمذى والموطأ والمسند للإمام أحمد، هذا غير تفسير بن كثير والطاهر بن عاشور والعديد من كتب السيرة، بالاضافة الى كتابات المستشرقين المترجمة للعربية وإصدارات المركز القومى للترجمة التى أحرص على اقتنائها نظرا لأهميتها.
كارثة الكوارث
* باحثو اليوم لا يقرأون حتى فى مجال تخصصهم، فبماذا تنصحهم؟
** للأسف إحجام الباحثين عن القراءة يعد كارثة الكوارث من وجهة نظرى كما أنه يضعف الانتاج العلمى ويؤثر سلبا على البحث العلمى، وأرى أن المسئولية تقع على عاتق بعض المشرفين الذين يقنعون بقراءات محدودة من طلابهم ولا يحثونهم على استيعاب كل المؤلفات المتعلقة بالموضوع.
*ما هى أهم مؤلفاتك؟
** بفضل الله تعالى لدى الكثير من المؤلفات العلمية منها “مجلة الهلال ودورها فى الثقافة الاسلامية.. دراسة تحليلية” و”المسلمون فى الولايات المتحدة الأمريكية.. الواقع والتحديات من نشأة أمريكا الى 11 سبتمبر”، بالاضافة الى مؤلفات النظام التشريعى فى الاسلام والنظام القضائى فى الاسلام وأضواء على الدبلوماسية الاسلامية، وغيرها من المؤلفات، هذا بالاضافة الى إشرافى على أكثر من خمسين رسالة علمية ما بين ماجستير ودكتوراه بالجامعات المصرية والعربية.