الإخلاص هو روح العبادة، فأي عبادة لم تتوّج بالإخلاص فهي كالجسم الذي خرجت منه الروح لا يُنتفع به بل يصير جيفة تؤذي من شمَّه برائحة خبيثة، وإذا توِّج العمل بالإخلاص زكا وطاب وظهرت سماته على وجه صاحبه (سيماهم فى وجوههم) (المؤمن ينظر بنور الله) (اتقي فراسة المؤمن).
فالإنسان عمل، فقد قال الحق تبارك وتعالى فى ابن سيدنا نوح (إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) فإن العمل الصالح تظهر ثمرته على صاحبه حتى يتلألأ نور الإخلاص على وجهه ويتذوّق ويعى الناس حلاوة منطقه، وتؤثر كلماته فى نفوس سامعيها، فيعمل بها السامعون ويهتدي بها الضالون، لأن الكلام إذا كان صادرا من القلب أصاب قلوب السامعين، واذا كان من اللسان فلا يصل من الآذان إلي القلوب، بل يصل إلي ما يحاذي مصدر صدوره، فالآذان بجوار اللسان، وأما إذا خرج من القلوب أصاب القلوب فيصل إلى محاذيه، وذلك كالماء الصاعد فإنما يصل إلي ما كان مساويا لمصدره فقط ولا يعلو عن مصدره إلا برافع (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيّمة)، (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه).
فاللهم ارزقنا الأخلاص فى القول والعمل، واقذف في قلوبنا رجاءك، واقطع رجاءنا عمن سواك حتي لا نرجوا أحدا غيرك، فأنت مولانا وولينا فى الدنيا والآخرة يا ذا الجلال والإكرام، فإنا قلوبنا بين أصبعيك الكريمتين تقلبها كيف تشاء، فثبت قلوبنا علي دينك واجعل قلوبنا تطمئن بذكرك وأنزل السكينة فى قلوبنا.
اللهم ألهم نفوسنا تقواها وزكّها أنت خير من زكاها، أنت وليّها ومولاها، اللهم ارجع نفسنا إليك راضية مرضية وأدخلها جنتك فى عبادك الصالحين.