الانتماء خلق إنسانى قبل كونه فرض دينى وضرورة حياة
جهاد المعارضة من أرض الواقع.. لا الفضائيات والفنادق 5 نجوم
الإمام الطيب سبق عصره.. وتخطى حواجز السنين
لدينا 100 مليون مفتى.. خلقوا فوضى الفتاوى
وقف الإرسال التليفزيونى وغلق المحلات 11 مساء.. يعيد البركة المنزوعة من حياتنا
نحتاج لاستراتيجية إحياء العيب والحرام
حوار: مصطفى ياسين
تصوير: أحمد عبدالحميد
الحوار مع د. عبدالمقصود باشا، له مذاق خاص، ويكتسب أهميته من كون تعدد التخصصات التى يتولاها، فهو أستاذ الدراسات العليا، والتاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر، بجانب كونه مُحكِّم دولى بمجمع البحوث الإسلامية، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، عضو مؤسس للرابطة العالمية لخريجى الأزهر، وأستاذ زائر بالجامعات الإسلامية والعربية، فضلا عن دوره ونشاطه الاجتماعى فى عدد من الجمعيات الخيرية.
وفيما يلى نص الحوار الذى أُجرى معه، خلال زيارته مكتب “عقيدتى”.
* كيف ترى إطلاق مصر للاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان؟
** لا نستطيع أن نفرِّق بين ما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي فى هذا الإطار، وبين ما قاله منذ توليه مسئولية البلاد، والحقيقة أننى أتخوّف من الكلام عن الرئيس السيسى، لماذا؟ لأننى لو تحدثت بما فى نفسى صراحة، البعض من المُرائين والخدّاعين والمنافقين يقولون: هذا نفاق للسُلطة، أو هذا رجل من رجال السلطان!
وأنا- أقسم بالله- لا أنتمى للسُلطة ولا غيرها، سوى الله سبحانه وتعالى، ثم مصر والأزهر الشريف، فليس لى أى انتماءات أخرى، فأنا مصرى أولا وأخيرا ثم أزهرى، فقد وهبنى جدّى للأزهر الشريف حتى قبل ولادتى، لأن أمى- رحمها الله- تزوّجت صغيرة فى السن، تقريبا 10 سنوات ونصف، فكانت لا تستطيع “الحمل” وأسقطت كثيرا، وحينما حملت بى، أخبرها جدّى بأنها ستحمل فى ولد، وسيتم وهبه للأزهر، فكنت أنا ذلك “الحمل”.
وأرى أن إعلان الرئيس السيسى، يتماشى مع سياسته الداخلية والخارجية، مذ تولى الرئاسة، فمصر طول تاريخها تتعرّض لمعاناة ومقاساة وعنف محلى داخلى وعنف خارجى.
ويمين الله، أن مصر عبر تاريخها تتعرض لمؤامرات مستمرة، ولا تتوقف ولن تنتهى، ولذا يجب علينا كمصريين أن ننظر لبلدنا نظرة بإمعان ودقة، ودعنا من المُرائين والمخادعين والأفَّاقين والمنافقين، ولننظر إلى مصر كدولة بحدودها من الشرق إلى الغرب، ومن الشمال إلى الجنوب، فلابد أن نعى وضعها بحدودها وإقليمها ومحيطها الدولى.
ولذا فحينما أعلن الرئيس السيسى الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وبمجرد القراءة العادية لها، سنجدها تعبّر عن سياسته كما قلت.
وتخصيصه لـ2022 بأنه عام المجتمع المدنى، ومع احترامى الكامل لكل رؤساء مصر السابقين، فأى رئيس اهتم بهذا القطاع أو أنجز مثل ما حققه الرئيس السيسى فى سنواته القصيرة؟! دعنا من الشعارات والهتافات الجوفاء التى أوصلتنا إلى مراحل خطيرة فى الأوضاع الداخلية والخارجية، فى مختلف مجالات الحياة. أنا حزين من داخلى على بلدى، التى ولدتُّ وتربَّيت على أرضها وتحت سمائها.
ولم يخرج فى خطابه عن المنهج الذى انتهجه ووضعه لنفسه مذ توليه المسئولية.
لا أستطيع اتهام أى رئيس مصرى فى حرصه على مصلحة مصر، لكنه قد يُخطئ فى السياسة، ولكن بأمانة شديدة- وأنا لا أعرف السيسى ولا علاقة تربطنى به غير كونه رئيس بلدى- هذا الرجل هدية من هدايا الله تعالى لمصر.
فالسياسة الداخلية او الدولية ليست بالأمانى، ولننظر لعدد السكان الذى يزيد يوميا بمقدار 2 مليون تقريبا حتى وصلنا 100 مليون نسمة ويزيد، وما يتطلبونه من احتياجات؟! نحن فى أمسِّ الحاجة لتعميق روح الانتماء للبلد.
الانتماء للوطن
* وكيف يكون تعميق هذا الانتماء؟
** لنتأمّل موقف سيّدنا رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- حين الهجرة وهو يخاطب مكّة بجبالها وشِعابها ووديانها وبيوتها: (إنك لأحبّ بلاد الله إلى الله، وأحبّ بلاد الله إلىَّ، ولولا أن أهلك أخرجونى منك ما خرجت).
ثم دعاؤه للمدينة المنورة بأن تكون مثل مكة ويبارك الله فيها وفى أهلها، أفليس هذا هو جوهر الانتماء، سواء لمكّة التى وُلد فيها، أو المدينة التى آوته مهاجرا؟! أفلا يجدر بنا أن ننتمى لبلدنا مصر كما انتمى رسول الله لبلده وبلد هجرته؟!
وسيدنا الفاروق عمر بن الخطاب يقول: لولا حب الأوطان لهلك بلد السوء. بمعنى أنه ليست كل البلاد مليئة بالخيرات، بل هناك بلاد صحراوية، مجدبة، فقيرة فى ثرواتها، ومع ذلك فأهلها يحبّونها وينتمون لها رغم عدم توفّر الإمكانات والراحة الدنيوية المطلوبة!
وهذا يُبيّن لنا أن الانتماء والولاء للأوطان هو خُلُق وفِطرة إنسانية قبل أن يكون فرضا دينيا وضرورة حياتية.
المعارضة البناءة
* لكن هناك من يعترض ويرفض سياسة الحكومة فى أى بلد؟
** بطبيعة الحال سيكون هناك معارضون، لا يرضون عن السياسة الحالية لأى حكومة، فهؤلاء عليهم الاعتراض والنقد البنّاء، كيف؟ يقدّمون رؤيتهم بالطُرق القانونية والمشروعة لصاحب القرار، فلعلّهم يُصيبون رأيًّا لم يُصِبْه أحدٌ، وإذا كان هدفنا جميعا مصلحة بلدنا، فعلينا أن نكون جميعا إيجابيين فى بناء وتقدّم بلدنا، وليس مجرد مُعارضين من أجل المعارضة. فكل مواطن عليه المشاركة الإيجابية وليس الهجوم والتطاول لمجرد الشُهرة والظهور أو خدمة لمصالح وأجندات خارجية مدفوعة الأجر للخيانة وليس الجهاد كما يدّعون، فالجهاد الحق يكون من على أرض الواقع وليس عبر الفضائيات ومن فنادق الخمس نجوم!
عام المجتمع المدنى
* كيف يتحقق عام 2022 للمجتمع المدنى مع الرؤية الإسلامية؟
** دورنا كمجتمع مدنى يتركّز فى المشاركة الإيجابية، كل فردٍ فى موقعه يؤدى ما عليه ولا يتكاسل أو يتهاون فيما عليه من واجبات.
ولى وجهة نظر قد يعترض عليها الكثيرون ويصفوننى بالتخلّف والرجعية، لكنّى أراها مهمة وضروية جدا، وهى النوم مبكّرا والاستقاظ أيضا مبكّرا، ووقف إرسال التليفزيونات وغلق جميع المحال التجارية عند الساعة 11 مساء، على أن يبدأ يومُنا عقب صلاة الفجر مباشرة، فالبركة فى البكور، لقول النبى “اللهم بارك لأُمَّتى فى بكورها”، فمصلحة الدولة ومصر فوق كل شئ، لقد زرت دولا كثيرة تفعل هذا، فالشمس لا تُشرق على أحد وهو نائم، وهذا ما كان- ومازال- فى بعض أريافنا.
والنقطة المهمة الأخرى، إحياء الضمير، والعمل بإخلاص، فإذا أحبّ الإنسان عمله وأخلص له كان قدوة طيبة لغيره، مثل المدرّس المخلص الذى يراعى الله فى عمله، فيُخرج لنا طلابا متفوّقين ونابغين، وليس تاجر الدروس الخصوصية، ونفس الشئ ينطبق على كل المهن مهما كبرت أو صغرت، ومراعاة الله فى الوقت والإتقان، فقليل مبارك فيه خير من كثير منزوع البركة، إذا تحكَّم الضمير صلح المجتمع.
خطبة الجمعة
* هل يمكننا اعتبار خطبة الجمعة وسيلة فعالة للإسهام فى نشر التوعية السليمة وتحقيق التنمية المنشودة؟
** أعرف جيدا أن وزير الأوقاف يقوم بواجبه وهو رجل نشيط- أعانه الله- لكننى أريد خطبة الجمعة أن تركّز على ضرورة المشاركة المجتمعية.
وأخبره- من خلال منبركم- أن كثيرا من المساجد لا تلتزم بالخطبة المحددة من قِبل الوزارة، خاصة المساجد التى تدّعى تبعيّتها للجمعية الشرعية أو غيرها، فما هذه الجمعية ومدلولها أو غيرها؟ فهناك مساجد كثيرة يخطب فيها أناس غير مؤهّلين ويهرفون بما لا يعرفون.
لذا يجب أن تكون هناك رقابة حاسمة وحازمة وحادّة ومشدّدة على خطباء الجمعة فهم ليسوا مِلك أنفسهم بل هم يوجّهون دولة بشعبِها، فإذا خرج منه شارد أفسد وأضلّ.
وأضرب مثلا بخطيب فى مدينة نصر اعترض على خطبة الوزارة ووصفها بأنها غير مناسبة! وأنا أتساءل: هل يستطيع خطيب المسجد الحرام أو المسجد النبوى أن يخطب من نفسه ولنفسه؟ فإذا كان هذا هو حال أقدس مكانين فما بالنا بمساجدنا، وكيف يُجوِّز هؤلاء لأنفسهم ما لا يستطيعه أحد فى المسجدين؟! أم أن هؤلاء يريدون إفشال مصر؟!
وأقترح ألا تقتصر خطبة الجمعة على الخطباء والأئمة فقط بل يشاركهم علماء- وليس شيوخ- الدين من كل التخصصات، مثل الطب والهندسة والزراعة، كل فى تخصصه يخطب للناس وهذا سيكون أكثر وقعا وتأثيرا، وليت يتم هذا ولا يقتصر على خطب الجمع فقط بل أيضا، فى قوافل توعوية تجوب مساجد المحافظات.
النجاح الحقيقى
* كيف تُقيِّم ما يتم على أرض الواقع من إنجازات ومشاريع عملاقة؟
** أنا كفرد من المجتمع وأعايش جميع الفئات، وأشعر بما يتحقق من إنجازات ومشاريع قومية عملاقة، وأؤكد أنه لولا مثل هذه الإنجازات لسقطت مصر فى هاوية التسوّل والعَوَز للدول الأجنبية، ولما وجد المصريون “قوت” يومهم، فهل كنا نريد مدّ اليد لمجرد الأكل والشرب ثم يُصرف إلى المجارى؟! إن ما يتحقق إنما هو النجاح بعينه ويقى مصر وشعبها شر العَوَز والحاجة والفقر.
فهل كان شبابُنا يحلم بتوفير شقّة سكنية فى أى عصر من العصور؟ اليوم متوفّرة لكل فرد شقّة، يُقدِّم عليها ويتسلّمها كاملة التشطيب والتأثيث.
الهجوم على الأزهر
* لا شك أن الأزهر الشريف يتعرض لهجمات شرسة، ولم يسلم منها أيضا شيخ الأزهر، فما هى الأسباب؟
** بداية أنا لا تربطنى أية علاقة بشيخ الأزهر، حتى لا يتّهمنى أحدٌ بالممالأة أو النفاق للإمام الأكبر، لأن كل شخص يتحدث بالحق يواجَه بهذا الاتهام! وهذه هى الكارثة التى مُنينا بها فى عصرنا الحالى! لأن الناس للأسف تريد الاستماع للإثارة والنقد الهدَّام وليس الحق والبناء! فلماذا يُتّهم الناس فى قيمهم وأدائهم ومعتقداتهم؟! لماذا الكل متّهم؟ ومن يتكلّم كلمة حق يُتَّهم؟ فهل 99% منافقين وأنت فقط بمفردك الصح؟!
وباعتبارى عاشق وموهوبا للأزهر، لذا أعتبر نفسى أزهريا “قُح وصِرْف”، فلدىَّ كل تواريخ مشايخ الأزهر السابقين، منذ أول شيخ وهو محمد الخراشى، من قرية خراش، بالبحيرة، والدكتور أحمد الطيب، شيخ سبق عصره، تخطّى حواجز السنين، والحواجز النفسية والمعنوية، كونه يُهنئ بابا الأرثوذكس ويذهب إليه فى الكاتدرائية، ويذهب إلى بابا الفاتيكان ويعقد معه “وثيقة الأخوة الإنسانية” التى صدرت فى الإمارات، رغم ما يتعرّض له من هجمات شرسة، وقلبى وعقلى وجوارحى تدعو له الله أن يُطيل فى عُمره.
وليس وراء هذه الهجمات سوى الرغبة فى هدم الأزهر الشريف، والله لن يُفلح كيد المكيدين والحاقدين، وسيبقى الأزهر شامخا، منارة للإسلام المستنير والعلم المنير.
ولكل هؤلاء نقول: مرحبا بكم وبهجومكم، فتعالوا نلتقى وتعرضون بضاعتكم، ونرد عليكم، ولا داعى للصراخ والعويل فى الفضائيات، فالأزهر مفتوحة أبوابه للجميع، وللأسف تلك الفضائيات لا تريد الوصول إلى الحق والحقيقة وإنما نسبة المشاهدة الأعلى، ولذا فهى لا تعطى الأزهرى فرصته للرد مثلما تفعل مع المهاجمين والمتطاولين!
توجيه إعلامى!
* لكن أين علماء الأزهر من هذه الحملات؟ ولماذا لا يُفنِّدونها بالحجة والبرهان؟
** علماء الأزهر كثير منهم يعزف عن الظهور فى الإعلام، خصوصا المشايخ الكبار، لأن هذا الإعلام يريد إلقاء أو تحديد موضوع معين لا يخرج الشيخ عنه، صحيح أن هذا انعزال، لكنه اعتراض غير مباشر على ما يواجهونه من تعنّت تلك القنوات ورغبتها فى توجيه الشيخ لأخذ رأي معين منه يدعم قضيتها دون الوصول للحقيقة.
فيجب أن تُتاح للعلماء الفرصة كاملة لعرض وجهة نظرهم- ومن خلال منبركم- أطالب بتخصيص أوقات ذروة فى الإعلام لعلماء الأزهر، وأذكر أنه أثناء تولّى أنس الفقى وزارة الإعلام، أرسل يطلب تحديد 2 من كل تخصص أزهرى للحديث فى الإعلام، وطلبنا نحن جعلهم 3 لكثرة الشُعب والتخصصات، فلماذا لا يتم هذا حاليا؟!
فوضى الفتاوى
* هذا يذهب بنا إلى قضية خطيرة ألا وهى فوضى الفتاوى، فما أسبابها، وكيف نواجهها؟
** هذه القضية أتبنّاها منذ تاريخ طويل، لأنها سبب كل البلاوى والكوارث التى نعيشها حاليا، فهذا يساهم فى فساد وإفساد المجتمع.
لذا طالبت بتجريمها وتوقيع أقصوى العقوبة على من يرتكبها، وللأسف فإن مشايخ المساجد غير مؤهّلين للفتوى، فهناك دار للإفتاء ولجنة فتوى بالأزهر الشريف، وعلى الدولة أن تُصدر قانونا بتجريم الإفتاء لغير المؤهّل أو غير المتخصص، وأمامنا سلطنة عُمان- مثلا- فلا أحد يتجرَّأ على الفتوى إلا الشيخ حمد الخليلى- المفتى العام- ونفس الشئ فى الإمارات وعدد كبير من الدول، لكن للأسف الشديد مصر فيها 100 مليون مفتى فى كل التخصصات، فكل واحد يُدلى برأيه فى أى قضية حتى وإن لم يكن يعرف عنها شيئا، حتى من يدلّك على عنوان ما؟!
تقاليع الشباب
* ابتلى المجتمع مؤخرا بعدد من مظاهر وتقاليع الشباب فى الملبس أو السلوك، فما الذى أدى لذلك؟ وما خطورته؟
** لاشك أن كثرة القنوات الفضائية وشبكة الإنترنت هى التى أدّت إلى ذلك، من تقليد أعمى لمساوئ الغرب أو التشبّه غير الأخلاقى للدول الغربية، والجرى وراء التافه من المعرفة، فلا تجد أدنى ثقافة إسلامية أو حتى إنسانية، وإنما تُرَّاهات وخزعبلات عن مطربى المهرجانات أو لاعبى الكرة والمشاهد السيئة من العنف والخيانة والجريمة، فغياب أبسط معلومة وثقافة عن الدين والأخلاق والعلوم النافعة يقودنا للهاوية والانهيار فى المهالك.
فبمقارنة بسيطة بين كلمات الأعمال الفنية والغنائية التى كانت سابقا والموجودة حاليا، نكتشف الهُوّة الواسعة بل الكارثية التى تدمّر المجتمع أخلاقيا وسلوكيا، فإذا أردنا النجاة فلا مناص من وقف تلك المهازل والمفاسد فورا، فلابد أن تكون هذه سياسة دولة وبالأمر والقانون، نحتاج أعلامًا يُرَبِّى الانتماء لمصر ويربِّى الأخلاق والضمير.
التفاؤل والأمل
* ما رؤيتك وتحليلك للواقع الذى نحن فيه؟
** لابد أن نصل للأفضل، وفى طبعى التفاؤل، ألقى السواد والظلام وراء ظهرى، والقادم أفضل إن شاء الله، بشرط أن نُرَبِّى إعلاميين وإعلامًا، لا يقدح ولا ينفِّر ولا يسبُّ شيخا ولا قسِّيسا، صحيح أنهم ليسوا مُقدَّسين لكن لهم احترامهم، لابد من إذكاء التربية الدينية فهذا مهم جدا، ولهذا كان السلف- حتى القريب منهم- صالحين، بعكس الوضع الحالى، نظرا لوجود الرقيب الداخلى.
ولذا فعلى خبراء علم النفس والاجتماع اختراع أساليب تُرَبِّى داخلية النشء، بحيث يخشى “العيب” والحرام والأصول، فلا يصح بث مسلسلات وأعمال فنية بهذا الإسفاف والانحطاط الأخلاقى والسلوكى، الذى جعل مكتبا ساقطا يمنح الدكتوراة الفخرية للمفسدين والمخرّبين، ومُنتجا أو مُخرجا لأعمال تحرِّض على الرذيلة والفُحش! يجب أن يخضع كل هذا للرقابة المشددة، صحيح هناك حرية لكنها مقيّدة بضوابط وآداب المجتمع وقيمه وعاداته وعقيدته، وليست فوضى مُطلقة، فلا أحد لا يستطيع العيش فى حرية مُطلقة مفسِدة، فكيف يُسمح لهذه الأجهزة والأعمال الهابطة أن تخترق بيوتنا وحجراتنا وتفسد حياتنا وحياة أبنائنا؟!