الوعى الوطنى يقتضى الإحاطة بالتحديات المعاصرة
أطلقنا حملة «بناء الوعي» بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة والمجلس الأعلى للإعلام
عودة اللقاءات التثقيفية المشتركة مع «عقيدتى» إلى مراكز الشباب وفق الإجراءات الاحترازية بهدف التثقيف الشامل والمواجهة المباشرة للتحديات
إشادة بالغة من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب بالتجربة المصرية فى مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف
«عقد المواطنة وأثره فى تحقيق السلام المجتمعى والعالمي» موضوع مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الثانى والثلاثين
• «الجاهلية والصحوة» أحدث إصدارات وزارة الأوقاف أكدنا
من خلاله أن معركتنا مع الإرهاب والتطرف الفكرى لم تنته
جانب كبير من العنف
على الساحة الدولية يرجع إلى فقدان الحس الإنسانى واختلال منظومة القيم
أو التفسير الخاطئ لبعض النصوص الدينية
الدعوة عبر
الفضاء الإلكتروني
هدف استراتيجى للأوقاف
حوار:
إبـراهيــم نـصــر
تصوير: شريف كمال
أوضح الوزير أن جانبا كبيرا من العنف على الساحة الدولية يرجع إلى فقدان الحس الإنساني، واختلال منظومة القيم أو التفسير الخاطئ لبعض النصوص الدينية، لذا أخذت وزارة الأوقاف مبادرة التدريب العلمى المنهجى التراكمى المستمر على كل المستويات للأئمة والواعظات، وأن «الجاهلية والصحوة» أحدث إصدارات وزارة الأوقاف أالتى تؤكد أن المعركة مع الإرهاب والتطرف الفكرى لم تنته، وقد اختارت الوزارة موضوع مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الثانى والثلاثين تحت عنوان: «عقد المواطنة وأثره فى تحقيق السلام المجتمعى والعالمي».
القمة العالمية الأولى
> فى البداية سألنا الوزير: ماذا عن حضوركم القمة العالمية الأولى لمكافحة الإرهاب التى نظمها كل من الاتحاد البرلمانى الدولى والأمم المتحدة؟
>> قال: شاركت فى افتتاح القمة العالمية الأولى لمكافحة الإرهاب التى نظمها كل من الاتحاد البرلمانى الدولى والأمم المتحدة فى الفترة من 7 حتى 9 سبتمبر الحالى بإلقاء كلمة أمام القمة العالمية الأولى لمكافحة الإرهاب بفيينا بحضور رؤساء ونواب رؤساء وأعضاء البرلمانات الدولية المشاركة، وقد أكدت فيها على أن الحفاظ على كيان الدول واستقرارها أحد أهم عوامل القضاء على الإرهاب، وأن إضعاف الدول ومحاولات إسقاطها هو بمثابة توفير حواضن خطيرة للإرهاب، فالدول التى تسقط فى الفوضى هى بيئة حاضنة ومصدرة للإرهاب، وأن الفكر المتطرف لا يدحض بالسلاح وحده بل بالفكر والثقافة جنبا إلى جنب، مؤكدا أن الوعى والثقافة والفكر المستنير والخطاب الدينى الرشيد والرعاية الاجتماعية من أهم عوامل القضاء على الإرهاب والفكر المتطرف، وأن بناء الوعى والخطاب الدينى الرشيد والاهتمام بالتنمية والمناطق والأسر الأولى بالرعاية من أهم عوامل نجاح التجربة المصرية فى محاربة الإرهاب والجماعات الإرهابية والمتطرفة، وبيّنت أن جانبًا كبيرًا من العنف الذى نشهده على الساحة الدولية إنما يرجع إلى فقدان أو ضعف الحس الإنسانى واختلال منظومة القيم أو التفسير الخاطئ لبعض النصوص الدينية، مما يجعلنا فى حاجة ملحة إلى التأكيد على الاهتمام بمنظومة القيم الإنسانية، والتنوع الثقافى والحضاري، والانطلاق من خلال المشترك الإنسانى بين البشر جميعًا.
وقلت: قد تختلف الشرائع فى العبادات وطريقة أدائها وفق طبيعة الزمان والمكان، لكن الأخلاق والقيم الإنسانية التى تكون أساسًا للتعايش لم تختلف فى أى شريعة من الشرائع، يقول نبيناـ صلى الله عليه وسلم ـ: «إن مما أدرك الناس من كلام النبوة الأولى إذا لم تستح فاصنع ما شئت»، وأرونى أى شريعة من الشرائع أباحت قتل النفس التى حرم الله إلا بالحق، أو أباحت عقوق الوالدين، أو أكل السحت، أو أكل مال اليتيم، أو أكل حق العامل أو الأجير؟ وأرونى أى شريعة أباحت الكذب، أو الغدر، أو الخيانة، أو خُلف العهد، أو مقابلة الحسنة بالسيئة؟ بل على العكس فإن جميع الشرائع السماوية قد اتفقت وأجمعت على هذه القيم الإنسانية السامية، من خرج عليها فإنه لم يخرج على مقتضى الأديان فحسب، وإنما يخرج على مقتضى الإنسانية وينسلخ من آدميته ومن الفطرة السليمة التى فطر الله الناس عليها.
إشادة بالدور المصرى
> وماذا عن أهم اللقاءات أثناء حضوركم فعاليات هذه القمة؟
>> من أهم اللقاءات التى أجريتها هناك اجتماعى بمقر الأمم المتحدة بفيينا مع السيد «فلاديمير فورونكوف» وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، الذى أشاد إشادة بالغة بالدور المصرى والتجربة المصرية فى مواجهة الإرهاب والفكر المتطرف، وتم إهداؤه نسخًا من إصدارات وزارة الأوقاف المترجمة، وهو ما حاز إعجابه وثناءه، حيث أعرب عن تقديره الشديد واحترامه الكبير للتجربة المصرية الرائدة فى مجال مكافحة الإرهاب، وكذلك تقديره لتلك الإصدارات التى تصدرها وزارة الأوقاف فى مواجهة الفكر المتطرف وبحركة الترجمة الواسعة التى تقوم بها الوزارة.
كما التقيت د. غادة والي- وكيل الأمين العام للأمم المتحدة والمدير التنفيذى لمكتب الأمم المتحدة للمخدرات والجريمة ومدير مقر المنظمة الدولية بفيينا- وفريق عمل مكتبها، حيث تم التأكيد على أهمية تضافر الجهود الدولية والإقليمية والمحلية، وبخاصة الفكرية والثقافية ومبادرات الرعاية الاجتماعية فى مكافحة الإرهاب، وبحث سبل التعاون بين منظمة الأمم المتحدة بفيينا ووزارة الأوقاف المصرية.
واجتمعت مع السيد/ عادل العسومي- رئيس البرلمان العربي- وبعض أعضائه من نواب المملكة العربية السعودية والإمارات بصحبته، وحضور السفير مختار عمر- كبير مستشارى الاتحاد البرلمانى الدولي- حيث قمت بشرح التجربة المصرية فى مكافحة الإرهاب، وبحث أوجه التعاون المشترك بين كل من البرلمان العربى والاتحاد البرلمانى الدولى ووزارة الأوقاف المصرية.
واجتمعت أيضا مع «د. جينارو ميليورى» رئيس الجمعية البرلمانية الأورومتوسطية، وتم إهداؤه والوفد المرافق له نسخًا من إصدارات الأوقاف المترجمة إلى مختلف اللغات، وأبدى إعجابه الشديد بها بعد نقاش هام حول مضمونها، وكذلك حضرت عددا من اللقاءات والفعاليات بدعوات من كل من رئيس المجموعة الاستشارية لمكافحة الإرهاب بالاتحاد البرلمانى الدولي، والسفير المصرى بفيينا، والسفير الكويتى بفيينا.
أهم الرسائل
> وما هى أهم الرسائل التى تضمنتها كلمتكم فى افتتاح تلك القمة؟
>> أهم الرسائل التى أكدت عليها فى كلمتى
أولها: إعلاء لغة الحوار والتفاهم.
ثانيها: ترسيخ مفهوم ومشروعية الدولة الوطنية.
ثالثها: تصحيح المفاهيم الخاطئة.
رابعها: تعظيم المشترك الإنساني.
وفيما يتصل بالحوار فأكدت على الأمور التالية:
1. الحوار البناء هو الذى يقوم على التفاهم والتلاقى على مساحات مشتركة وأهداف إنسانية عامة، لا تمييز فيها على أساس الدين أو اللون أو الجنس أو القبلية.
2. ضرورة العمل على تعزيز الحوار الدينى والثقافى والحضارى على جميع المستويات الوطنية والدولية.
3. التأكيد على أن الحوار بين الأفراد، يعادله التفاهم بين المؤسسات، والتفاوض بين الدول، وتحقيق ذلك على أرض الواقع يدعم السلام المجتمعى والعالمي.
4. التأكيد على الرفض المطلق للتطرف والإرهاب وللكراهية والتعصب ورفض التوظيف السياسى لأى من ذلك كأداة لتفتيت الدول وهدمها، أو لحصد الأصوات وكسب الانتخابات، والتأكيد على رفض ربط التطرف والإرهاب بأى دين، ورفض الزج بالأديان والمقدسات فى ساحات الصراعات الانتخابية والسياسية، والتحذير من أن مخاطر الإساءة للمقدسات والرموز الدينية هى تهديد للأمن والسلم الدوليين، ولا ينجم عنها سوى المزيد من العنف والتطرف وتأجيج المشاعر وخلق العداوات.
5. التأكيد على أن الهدف من الحوار بين الثقافات ليس محاولة تغيير ثقافة أو هيمنة ثقافة على باقى الثقافات، ولكن أن نصبح أكثر فهمًا ومعرفة واحترامًا لثقافاتنا المتنوعة.
6. أن احترام المقدسات والرموز الدينية يسهم بقوة فى صنع السلام العالمى ويدعم حوار الأديان والحضارات والثقافات، أما النيل من مقدسات الآخرين ورموزهم الدينية فلا يُذكى إلا مشاعر الكراهية والعنف، والتطرف والإرهاب.
7. تأصيل قيم الحوار والتسامح انطلاقًا من المشتركات الإنسانية والدينية، مع احترام الخصوصية الثقافية والدينية للآخرين، وكذلك احترام عاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم المستقرة.
8. قيام المؤسسات التشريعية بإصدار قانون لتجريم ازدراء الأديان والإساءة للمقدسات الدينية ورموزها، وإدراج ذلك فى الدساتير الوطنية والمواثيق الدولية.
9. التأكيد على أهمية دور البرلمانيين كممثلين للشعوب فى تعزيز الحوار بين الثقافات، وفى إصدار تشريعات تجرم التحريض على التطرف والإرهاب والتحريض على الكراهية والتعصب، وإصدار قوانين تجرم الإساءة للأديان والرموز والمقدسات الدينية كجريمة تدخل فى خانة التمييز العنصرى والديني، والمحظورة بموجب المادة (20) من العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية.
وفيما يتصل بمفهوم الدولة الوطنية فقد أكدت على دور البرلمانات التشريعى والرقابى فى ترسيخ دولة المواطنة التى لا تميز بين المواطنين على أساس الدين أو العرق أو اللون، وتؤمن بالتنوع وتحترم التعددية وتعدها ثراءً للمجتمع، وأن مشروعية الدولة الوطنية أمر غير قابل للجدل أو التشكيك، بل هو أصل راسخ، بل إن كل ما يدعم بناء الدولة وقوتها هو من صميم اعتقادنا الإيماني، وكل ما يؤدى إلى الفساد أو الإفساد أو التخريب أو زعزعة الانتماء الوطنى إنما يتعارض مع كل القيم الدينية والوطنية.
وبما أن الجماعات الإرهابية والمتطرفة تحاول أن تتخذ من التشكيك فى هوية الدولة الوطنية وسيلة لإسقاطها ومحاولة لزعزعة الانتماء الوطنى بين أبنائها، كان لزامًا علينا أن نؤكد على مشروعية الدولة الوطنية، والدولة الوطنية التى ننشدها هى التى تؤمن بالتنوع والتعددية وتسهم فى صنع السلام العالمي.
حملة «بناء الوعى»
> وما دفعكم إلى إطلاق حملة «بناء الوعى» بعد عودتكم من هذه القمة؟
>> بالفعل.. لقد أطلقنا حملة «بناء الوعي» بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة والمجلس الأعلى للإعلام، وذلك بهدف التثقيف الشامل، والمواجهة المباشرة للتحديات المعاصرة، وفى هذا الإطار تم الاتفاق مع وزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحى، ورئيس تحرير «عقيدتى» الأستاذ محمد الأبنودى على عودة اللقاءات التثقيفية المشتركة بين الأوقاف والشباب والرياضة و»عقيدتى» إلىى مراكز الشباب وفق إجراءات التباعد الاجتماعى.
ومن أهم محاورحملة بنار الوعى:
- تفنيد الفكر المتطرف.
- مواجهة الظواهر السلبية ؛ كالإدمان والانتحار والتعصب الأعمى.
فالإدمان خطر داهم على الفرد والمجتمع، والتعصب الأعمى طريق الانحراف عن جادة القيم، والانتحار لا تعقبه راحة بل عذاب أليم، وهو جريمة فى حق النفس والإنسانية.
> وإلى أى مدى تكمن أهمية بناء الوعي؟
>> عملية بناء الوعى أو إعادة بنائه قضية محورية فى حياة المجتمعات والأمم والشعوب، وخاصة تلك الأمم والشعوب التى تعرضت ذاكرتها لمحاولات المحو والشطب، أو التغيير، أو التغييب، ناهيك عن محاولات الاختطاف، وحالات الجمود والخمول والكسل التى يمكن أن تصيب الذاكرة الجمعية للمجتمعات، مع يقيننا أن إعادة تشكيل وعى أمة ليس أمرًا سهلاً ولا يسيرًا، إنما هى عملية بناء شاقة، وتحتاج إلى جهود مكثفة، ودءوبة، ومضنية، ولاسيما فى أوقات الشدائد والمحن والتحديات الجسام، شأن تلك المرحلة الراهنة الفارقة فى تاريخ منطقتنا، وفى تاريخ العالم كله، بل فى التاريخ الإنسانى المعاصر، حيث صار الإرهاب والتطرف الفكرى صناعة وأدوات غزو واحتلال من نوع جديد، ووسائل لإفشال الدول، أو إسقاطها، أو تركيعها، أو السيطرة على قرارها، بل على مقدراتها ومكتسباتها أيًّا كان نوع هذه المقدرات والمكتسبات: اقتصادية أم سياسية أم جغرافية أم ثقافية أم تراثية.
وإننا على يقين دائم لا يداخله ولا يخالجه أى شك فى أن أهل الباطل لا يعملون إلا فى غياب أهل الحق، وأن على أهل الحق ألا يكونوا أقل حماسًا لحقهم وقضاياهم التى يؤمنون بها من حماس أهل الباطل ودعاة الهدم والخراب لباطلهم، وإذا كان من حاولوا السطو على ذاكرة أمتنا قد استخدموا المغالطات الدينية والفكرية والثقافية والتاريخية للاستيلاء على هذه الذاكرة، فإن واجبنا مسابقة الزمن لكشف هذه المغالطات وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وبيان أوجه الحق والصواب بالحجة والبرهان من خلال نشر الفكر الوسطى المستنير، فى المجال الدعوى والثقافى والتعليمى والتربوى والإعلامي، وإحلال مناهج الفهم والتفكير والإبداع والابتكار محل مناهج الحفظ والتلقين والتقليد، مع اعتبار العمل على خلق حالة من الوعى المستنير واسترداد ذاكرة الأمة التى كانت مختطفة أولوية وواجبًا وطنيًّا على العلماء والمفكرين والمثقفين وقادة الرأى والفكر.
كل الأبعاد
> هل قضية بناء الوعى تنحصر فى البعد الدينى أو الثقافى فحسب؟
>> لا يمكن أن نحصر قضية الوعى فى بعدها الدينى أو الثقافى فحسب، فالوعى بالوطن يقتضى العمل على بنائه ورفعة شأنه فى جميع المجالات: الاقتصادية، الفكرية، الثقافية، الاجتماعية، الإنسانية، وبشتى السبل: بالعمل والإنتاج، بالجد والاجتهاد، بالدقة والإتقان، بالتكافل والتراحم، بالإخلاص للوطن، والإخلاص فى العمل، بالعلم والفكر، بالثقافة والإبداع، بنشر القيم الإيجابية من الصدق، الأمانة، الوفاء، الرحمة، التسامح، التيسير، المروءة، النظافة، النظام، احترام الكبير، إكرام الصغير، إنصاف المظلوم، إكساب المعدوم، إغاثة الملهوف، صلة الرحم ، حسن الجوار، إماطة الأذى عن الطريق، الحرص على المنشآت العامة والمال العام، الترفع عن الدنايا، والبعد عن سائر القيم السلبية: من الكذب، الخيانة، الغدر، الأذى، البطالة، الكسل، الفساد، الإفساد، التخريب.
وإن الوعى بالوطن يقتضى الإحاطة والإلمام بما يحاك له من مؤامرات تستهدف إنهاك الدولة، وبخطورة الإرهابيين والعملاء والخونة، والعمل على تخليص الوطن من شرورهم وآثامهم، كما يقتضى أيضًا إدراك عمليات البناء والتعمير التى تتم على أيدى أبناء الوطن المخلصين، ومما لا شك فيه أن قضية الوعى بالوطن وبمشروعية الدولة الوطنية، وضرورة دعم صمودها، والعمل على رقيها وتقدمها، أحد أهم المرتكزات لصياغة الشخصية السوية، وأحد أهم دعائم الولاء والانتماء للوطن والحفاظ على مقدراته وكل ذرة من ثراه الندي.
التثقيف الرقمى
> وماذا عن لجنة التثقيف الرقمى التى وجهتم بتشكيلها مؤخرًا؟
>> مما لاشك فيه أن مواكبة التطور أمر تفرضه الظروف والواقع، ومنذ انتشار جائحة كورونا أخذنا على عاتقنا استحداث الوسائل التى نتمكن من خلالها من إيصال الفكر الوسطى والدعوة داخليًّا وخارجيًّا، فتم إطلاق عدد من الصفحات والمواقع والقنوات بهدف التواصل مع الجمهور والنشر الدعوى والتثقيف الإلكتروني، بلغت (28) صفحة وموقعًا وقناة وتطبيقًا، بهدف التواصل مع الجمهور، النشر الدعوي، التثقيف الإلكتروني، وفى إطار سعينا الدائم لنشر ثقافة التحول الرقمي، والتعريف بجوانبها الإيجابية والاستخدام الآمن والأمثل لها، لجميع العاملين بالأوقاف، مع التحذير من الاستخدامات السلبية لمواقع التواصل، ولذا فقد أصدرنا قرارًا بتشكيل لجنة التثقيف الرقمي، وتكون اللجنة مسئولة عن إدارة عملية التثقيف الرقمى لجميع العاملين بالأوقاف من خلال محورين: الأول: التدريب على التعامل مع جميع وسائل التواصل الحديثة.
الثاني: التنسيق مع القطاع الدينى بالوزارة وخبراء التواصل الاجتماعى وتكنولوجيا المعلومات، لتعظيم الاستفادة من وسائل ومواقع التواصل الحديثة، وتجنب مخاطر الاستخدام الخاطئ أو غير الآمن لها.
فالدعوة عبر الفضاء الإلكترونى هى هدف استراتيجى للأوقاف فى المرحلة الراهنة، لنشر صحيح الإسلام والفكر الوسطى المستنير، وسحب البساط من مواقع الجماعات المتطرفة والمتشددة ومواجهة الكتائب الإلكترونية بالحجة والبرهان، ونهدف من خلال ذلك إلى أمرين:
1. استخدام وسائل التواصل فى الفكر الوسطى المستنير قصد الوصول إلى أكبر شريحة من المتلقين داخل مصر وخارجها من خلال صفحات الوزارة العامة والمتخصصة باللغة العربية واللغات الأجنبية، مع إتاحة جميع إصدارات الوزارة العلمية من خلالها تيسيرًا على الأئمة.
2. استخدام الوسائل العصرية فى التواصل الإدارى قصد اختصار الزمن فى إيصال الرسائل والتعليمات الإدارية.
تصحيح المفاهيم
> هناك بعض المفاهيم الخاطئة والتفسيرات المنحرفة لبعض النصوص يروج لها المتطرفون، فكيف يمكن مواجهة ذلك؟
>> هذه المفاهيم الخاطئة يلزم تصحيحها، وكذلك التفسيرات المنحرفة لبعض النصوص الدينية من قبل بعض الجماعات الإرهابية والمتطرفة، ولاسيما فى نظرتها إلى مفهوم الدولة ومفهوم المواطنة، مما يتطلب الآتي:
1. ضرورة احترام القانون والدستور والنظام العام للدولة ومؤسساتها، وسائر المواثيق والعهود والمعاهدات والاتفاقيات الدولية.
2. احترام عقد المواطنة بين المواطن والدولة سواء أكان المسلم فى دولة ذات أغلبية مسلمة أم فى دولة ذات أغلبية غير مسلمة.
3. أن فقه المواطنة لا ينحصر فى محور العلاقة بين أصحاب الديانات المختلفة، وإن كان العمل على ترسيخ أسس العيش المشترك بين أصحاب الديانات المختلفة أحد أهم مرتكزاتها.
4. أن مفهوم المواطنة يتسع لتحقيق جميع جوانب العدالة الشاملة بين المواطنين جميعًا، بعدم التفرقة بينهم على أساس الدين, أو اللون, أو الجنس، أو العرق، أو المذهب، وضرورة إعطاء المرأة حقها كاملاً غير منقوص، فهى تعنى الإيمان بالتعددية الوطنية فى مختلف جوانبها, وتؤمن بالتنوع وتعده ثراء وطنيا.
5. ضرورة العناية بكبار السن وذوى الاحتياجات الخاصة، وإعلاء قيم التكافل المادى والمعنوى بين أبناء الوطن جميعًا، وهو ما يحققه الفهم المستنير، والتطبيق الصحيح لفقه الواجب الكفائي.
6. ترسيخ مبدأ الحق والواجب بين المواطنين والدولة وبين بعضهم وبعض، فكما يحرص المواطن على أخذ حقه يحرص على أداء ما عليه من واجبات تجاه الدولة وتجاه غيره من الأفراد، مع قيام الدولة بالعمل على توفير حياة كريمة وإنسانية لمواطنيها.
7. ترسيخ العلاقات الدولية على الاحترام المتبادل بين الدول والشعوب، وتعظيم المنافع المشتركة، والعمل على أرضية إنسانية خالصة لصالح الإنسان وتعزيز الأمن والسلم الدوليين، وقد حددنا موضوع: «عقد المواطنة وأثره فى تحقيق السلام المجتمعى والعالمي»، ليكون موضوع مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الثانى والثلاثين.
وهذا يتطلب منا العمل بقوة على تصحيح المفاهيم الخاطئة، وبيان سماحة الأديان، وتفنيد ضلالات الإرهابيين، فلا قتل على المعتقد، ولا إكراه فى الدين ولا على الدين، بل هى حرية المعتقد، وحرية إقامة الشعائر وحماية دور العبادة للجميع، وبيان أن الأديان رحمة وتسامح، لا قتل ولا إفساد ولا تخريب، وأن الإرهاب لا دين له، ولا وطن له، ولا وفاء له، وأنه يأكل حتى من يدعمه أو يصنعه أو يحتضنه أو يؤويه، مما يتطلب تضافر الجهود الدولية ثقافية وتشريعية وأمنية وبرلمانية، لتخليص العالم كله من شرور الإرهاب وآثامه فى وقت أصبح الإرهاب فيه عابرًا للحدود والقارات ولا عصمة لأحد منه إلا بتضافر الجهود للقضاء عليه.
تعاون وثيق
> ما مدى التعاون المشترك بين وزارتى الأوقاف المصرية والسودانية؟
>> التعاون بيننا وثيق، وقد عقدنا منذ أيام الدورة التدريبية الثانية المشتركة لأئمة وواعظات جمهورية السودان مع أشقائهم من الأئمة والواعظات بمصر، والتى تأتى استكمالا لسلسلة من الدورات بين وزارة الأوقاف المصرية ووزارة الشئون الدينية والأوقاف بدولة السودان الشقيقة، وهذه الدورات لها أهداف عديدة منها: التعرف عن قرب على تجربة جديدة من خلال المعايشة بين أئمة وواعظات مصر والسودان، فقديما قالوا: ربما تعلم الإنسان من زملائه ما لم يتعلمه من أساتذته، وربما يتعلم من طلابه ما لم يتعلم من أساتذته، شريطة ألا يكون هناك كبر أو حياء من التعلم، فالعلم يضيع بين شيئين: الكبر والحياء، أما الكبر فعندما يظن الإنسان أنه عالم وليس بحاجة للتعلم وقد تجاوز كل مراحله وعليه أن يتوقف وأنه ليس هناك من هو أعلم منه ليتعلم منه، وقد قالوا: الناس ثلاثة معلم ومتعلم وهما فى الأجر سواء، والثالث الذى لا يعلم ولا يتعلم فلا خير فيه، وأما الجانب الآخر وهو الحياء بأن يستحى أن يسأل وقد قالت السيدة عائشة (رضى الله عنها): نِعمَ النِّساءُ نساءُ الأنصارِ لم يمنعهنَّ الحياءُ أن يتفقَّهنَ فى الدِّينِ، وقد قال العلماء: العلم من المحبرة إلى المقبرة، والعلم من المهد إلى اللحد، فيجب أن نطلب العلم على أيدى العلماء، فضلاً عن بركة مجالس العلم وما فيها من السكينة والبركة. وقد قالوا: إن الناس يكتبون أفضل ما يعلمون، ويحفظون أفضل ما يكتبون، ويقولون أفضل ما يحفظون، ولذلك أخذنا مبادرة التدريب العلمى المنهجى التراكمى المستمر على كل المستويات للأئمة والواعظات.، وفى إطار التعاون مع وزارة الأوقاف السودانية سوف تنطلق القافلة الثانية من القاهرة إلى الخرطوم فى الأسبوع الأول من شهر نوفمبر المقبل، بعد النجاح الباهر للقافلة الأولى، وسوف تتكون القافلة الثانية من عشرة أئمة من شباب العلماء الذين اجتازوا اختبارات برنامج الإمام المفكر، وعشر واعظات من الواعظات المتميزات، وسوف تجوب القافلة مدن وقرى السودان الشقيق.
«الجاهلية والصحوة»
> ماذا عن أحدث إصدارات وزارة الأوقاف؟
>> يعد كتاب «الجاهلية والصحوة» أحدث إصدارات وزارة الأوقاف، والذى أكدنا من خلاله على أن معركتنا مع الإرهاب والتطرف الفكرى لم تنته بعد، حيث صار استخدام الجماعات المتطرفة أحد أهم أدوات حروب الجيل الرابع، ولاسيما المسلحة منها التى تتخذ من استحلال الدماء والأموال منهجًا أيديولوجيًّا وواقعيًّا تتقوت منه أو عليه، وفى سبيل تحقيق أهدافها وأهداف من يدعمها ويمولها عمدت الجماعات المتطرفة إلى المغالطة وليّ أعناق النصوص تارةً، واجتزائها من سياقها تارةً، وتحريف الكلم عن مواضعه تارةً أخرى.
وقد لعبت جماعات التطرف الدينى على عواطف الشباب من خلال مصطلحات زائفة، ظاهرها فيه شحذ الهمم وباطنها من قبله الفساد والإفساد والضلال والبهتان، ومن الألفاظ التى حمَّلها المتطرفون ما لا تحتمل «الجاهلية» و»الصحوة».
أما لفظ الجاهلية فقد حاولت الجماعات المتطرفة إطلاقه على بعض مجتمعاتنا المؤمنة المعاصرة ظلمًا وزورًا، وهو أمر مردود عليه شكلًا ومضمونًا، أما من حيث الشكل أو من حيث اللغة، فالجاهلية التى أُطْلقت على الفترة التى سبقت ظهور الإسلام ليست من الجهل ضد العلم، ولم يقل أحد إنها من الجهل نقيض الإيمـان أو الإسلام، إنما هى من الجهـل نقيض الحلم.
وأما من حيث المضمون، فمن يقول- مثلًا- عن مصر الأزهر، مصر المساجد والمآذن، مصر القرآن، مصر العلم والعلماء، مصر التى يدرس بأزهرها الشريف نحو مليونى طالب وطالبة، ويستضيف عشرات الآلاف من الطلاب الوافدين من مختلف دول العالم لدراسة صحيح الدين، بلد يطوف علماؤه وأئمته مختلف دول العالم لنشـر صحيح الدين، بلد يحتضـن القرآن الكريم وأهـله ويكرم حفظته، من يقول عنه إنه مجتمع جاهلي؟! فلا يمكن أن يقول ذلك إلا حاقد، أو حاسد، أو جاحد، أو مأجور أو مُسْتغَل من أعداء الدين والوطن، وكذلك الحال مع سائر دولنا العربية والإسلامية التى حاول المتطرفون أن يتخذوا من وصفها بالجاهلية وسيلة لإفشالها أو إسقاطها أو هدمها أو تمزيقها.
وأما لفظ (الصحوة) فقد برز كمصطلح تنظيرى لجماعة الإخوان الإرهابية ومن سار فى ركابها من الجماعات المتطرفة، والصحوة فى منظورهم هى صحوتهم هم، لكن ضد من؟ ضد أوطانهم!! قصد إضعافها وتمزيقها وتفكيك بِناها الوطنية، لأن هذه الجماعات لا يمكن أن يكون لها وجود ولا أن تحقق أغراضها وأغراض من يمولها ويستخدمها فى ظل دولة قوية صلبة متماسكة، فهى لا تقوم إلا على أنقاض الدول، ومصلحة الجماعة عندهم فوق مصلحة الدولة، ومصلحة التنظيم فوق مصلحة الأمة، وفوق الدنيا وما فيها، سلاحهم الكذب، وبث الشائعات، والزور والبهتان، وغايتهم الهدم والتخريب، فهم لا يحسنون سوى الهدم، أما البناء والعمران فهيهات هيهات، فضلا عن أنهم لا يؤمنون بوطن ولا بدولة وطنية.
وتحت الطبع كتاب مهم سيصدر خلال أيام تحت عنوان: «مقاصد الشرع وقضايا العصر»، وقيد الإعداد كتاب آخر سيصدر قريبا تحت عنوان: «مقومات الأمن المجتمعى».
الصحوة الحقيقية
> لكن ما هى الصحوة الحقيقية وما مقياسها من وجهة نظركم؟
>> إن الصحوة الحقيقية هى صحوة الأوطان والأمم، عندما نعمرها بالبناء والتعمير، ونرى أمتنا فى مصاف الدول المتقدمة فى مختلف المجالات والعلوم والفنون، فمقياس الصحوة الحقيقى هو فى مدى تقدم الدول علميًّا واقتصادًّيا، وامتلاكها أدوات العصر، وإسهامها فى إنجازاته. فلن يحترم الناس ديننا ما لم نتفوق فى أمور دنيانا، فإن تفوقنا فى أمور دنيانا احترم الناس ديننا ودنيانا.
الصحوة الحقيقية أيضًا هى صحوة الضمير، والقيم والأخلاق، عندما نُعمر الدنيا بالتسامح، التراحم، التكافل، الصدق، الأمانة، الوفاء، مكارم الأخلاق، وترجمة أخلاق الإسلام وقيمه وتعاليمه السمحة إلى واقع ملموس فى دنيا الناس، فى سلوكنا وسائر شئون حياتنا، فالأمم التى لا تُبنى على القيم والأخلاق تحمل عوامل سقوطها فى أصل بنائها وأساس قيامها.
والصحوة الحقيقيـة هى قوة انتمـاء الإنسان لوطنه، وحرصه على أمنه واستقراره، فالوطن عِرض وشرف، وهو أحد الكليات الست التى حرص الشرع الحنيف على إحاطتها بسياجات متعددة من الحفظ والرعاية.
الدين والدولة
> المتطرفون يتوهمون دائما الصراع بين الدين والدولة، ويسعون إلى إضعاف الدول التى تضيق عليهم ويستحلون تخريبها، فما حقيقة هذا الأمر؟
>> إن العمل على تقوية شوكة الدولة الوطنية مطلب شرعى ووطني، فكل ما يؤدى إلى ذلك هو من صحيح معتقدنا، وكل ما يؤدى إلى الهدم والتخريب وتقويض بنيان الدول أو تعطيل مسيرتها، أو تدمير بِناها التحتية، أو ترويع الآمنين بها، لا علاقة له بالأديان، ولا بالقيم، ولا بالوطنية، ولا بالإنسانية.
وأود التأكيد على أن الدين الحقيقى النقى لا يحيا فى الهواء الطلق، إذ لابد له من دولة قوية تحمله وتحميه، ذلك أن المشـردين لا يقيمون دينًا ولا دولة، والدين والدولة لا يتناقضان أبدًا، الدين والدولة يتعاضدان فى سبيل سعادة البشرية، فحيث تكون مصالح البلاد والعباد والأوطان المعتبرة فثمة شرع الله.
والدين والدولة يرسخان معا أسس المواطنة المتكافئة فى الحقوق والواجبات، وأن نعمل معًا لخير بلادنا وخير الناس أجمعين، أن نحب الخير لغيرنا كما نحبه لأنفسنا، الأديان رحمة، الأديان سماحة، الأديان إنسانية، الأديان عطاء، فالدين والدولة يتطلبان منا جميعًا التكافل المجتمعي، وألا يكون بيننا جائع ولا محروم ولا عارٍ ولا مشـرد ولا محتــاج ولا مكروب إلا سعينا فى قضاء حاجته وتفريج كربه.
فالدين والدولة يدفعان إلى العمل والإنتاج، والتميز والإتقان، ويطاردان البطالة والكسل، والإرهاب والإهمال، والفساد والإفساد، والتدمير والتخريب، وإثارة القلاقل والفتن، والعَمالة والخيانة.
وإن من يتوهمون صراعًا- لا يجب أن يكون- بين الدين والدولة ويرونه صراعًا محتمًا إما أنهم لا يفهمون الأديان فهمًا صحيحًا، أو لا يعرفون مفهوم الدولة وعيًا تامًا، أو لا يعون طبيعة العلاقة بينهما، فالخلل لا علاقة له بالدين الصحيح ولا بالدولة الرشيدة، إنما ينشأ الخلل من سوء الفهم لطبيعة الدين أو لطبيعة الدولة أو لطبيعة العلاقة بينهما.
وأؤكد أيضا على ضرورة احترام دستور الدولة وقوانينها، وإعلاء دولة القانون، وألا تنشأ فى الدول سلطات موازية لسلطة الدولة أيا كان مصدر هذه السلطات، فهو لواء واحد تنضوى تحته وفى ظله كل الألوية الأخرى، وهو لواء الدولة الوطنية، أما أن تحمل كل مؤسسة أو جماعة أو جهة لواء موازيًا للواء الدولة فهذا خطر داهم لا يستقيم معه أمر الدين ولا أمر الدولة، وإن كل التنظيمات المتطرفة ولا سيما المتدثرة منها بغطاء الدين هى خطر داهم على الدين والدولة، وأن الصحوة الحقيقية تتطلب منا التفرقة بوضوح بين الثابت والمتغي، والنظر بعين الاعتبار فى مستجدات العصر ومتطلباته، ومراعاة ما يقتضيه فقه الواقع، وفقه الأولويات، وفقه المتاح، فى ضوء الحفاظ على ثوابت الشرع الحنيف.