تسعى حكومة إمارة الفجيرة في دولة الإمارات يوما بعد يوم وعاما بعد عام إلى التأكيد على القيم الدينية والثوابت الاخلاقية والتمسك بالتراث العربي والإسلامى بشكل عام وتراث الإمارة بشكل خاص ويأخذ هذا السعي صورا شتى ويتجلى تجليات متعددة لعل منها وأهمها في نظري الاتجاه الذي يتنامى تدريجيا في الاهتمام بالثقافة والفنون والابداع بكل صوره لاسيما ذلك الابداع الذي يعضد تلك الثوابت ويقويها عند الأجيال الجديدة.. ويأتي مهرجان ” البدر” هذا العام كأحد تلك الامثلة التي نتحدث عنها.. ولعل اسم وشعار المهرجان يعبر عن مضمونه فالبدر هو الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم سيد النبيين وخاتم المرسلين وتوقيته هو ذكرى ميلاد الهادي عليه وعلى آله وصحبه الصلاة والسلام وهو المهرجان الذي انطلق في الفجيرة منذ أيام قليلة وتضمن عددا من الفعاليات لعل أهمها تقديم أوبريت بعنوان “في حب النور المبين” من إنتاج أكاديمية الفجيرة للفنون الجميلة وتقديم فرقة أورنينا العربية، بمشاركة عدد من النجوم وممثلي الدراما الإماراتية. وتضمن الأوبريت من خلال الحوارات والاستعراضات الحية 9 مقاطع غنائية ومشاهد تمثيلية تهدف إلى تقديم مادة جمالية عن مبادئ الهدي المحمدي وقيم السيرة النبوية الشريفة وأثرها على السلوكيات المجتمعية في كل زمان ومكان.
كذلك تضمن المهرجان إعلان أسماء الشعراء الفائزين بجائزة المسابقة الكبرى في الشعر المقامة على هامش المهرجان وفاز بها شاعر مصري شاب هو أحمد حافظ ورصد أمانة الجائزة مبلغا كبيرا لمجموع الفائزين في مسابقات ذلك المهرجان ولعل ضخامة الجوائز تؤكد ما سبق وأشرنا إليه في أن متخذي القرار في الفجيرة لا يألون جهدا في حماية وصون التراث والمقدسات بكل شكل ممكن ويبذلون من أجل ذلك الغالى والنفيس وهو الاتجاه المحمود الذي يجب علينا الإشادة به وتقديره فإذا لم نشير إلى ذلك ونثمنه فماذا نثمن إذا؟! ومن هنا فإن ما قدم على مسرح مركز الفجيرة على مدار أربعة أيام من لوحات فنية وتمثيلية ومديح و استعراض مراحل مختلفة من السيرة النبوية الشريفة والمفاهيم والقيم المتعلقة بها، وإحياء الموروث الثقافي و إبراز الفنون العربية والإسلامية من خلال المعرض الفني المصاحب، وورش العمل المختلفة، التي تسعى إلى ترسيخ قيم الإسلام السمحاء واستذكار مواقف السيرة النبوية العظيمة مما يسهم في تأسيس أجيال واعية تتدارس السيرة النبوية وما تحمله من مبادئ حياتية ترفع الوعي الإنساني.
فضلا عن المعرض الفني الذي استضافه مركز الفجيرة الإبداعي وفيه عرض الأعمال الفائزة والمتأهلة في الدورة الثانية لجائزة في حب النور المبين، ور كزت الأعمال على السيرة النبوية الشريفة والدروس والعبر المستخلصة منها مما يسهم في تعزيز رسالة مبادرة “البدر” في نشر رسالة التسامح وقيم السيرة النبوية الشريفة والتعريف بها حول العالم. وقد أقيم حفل تكريم الفائزين في جائزة” في حب النور المبين” وتتضمن أربع فئات للمشاركة وهي الشعر والرسم والوسائط المتعددة (الملتيميديا) والخط العربي بمجموع جوائز تبلغ مليون درهم إماراتي، بهدف تعزيز صلة الشباب بتراثهم العربي والإسلامي، وقيم الإسلام التي تدعو إلى التسامح من خلال الاحتفاء بجماليات وإبداعات الفنون الإسلامية. كما تهدف الجائزة إلى اكتشاف وتشجيع المواهب في هذه المجالات الفنية والأدبية، وإنتاج أعمال فنية مستوحاة من السيرة النبوية المشرفة وبيان فضل الرسول صلى الله عليه وسلم وعظمة أخلاقه وإثراء الثقافة العربية والإسلامية بهذه الأعمال فهل هناك أفضل وأعظم من أن نحتفي ونحتفل بمولد رسولنا الكريم بمثل هذه المهرجانات والمبادرات التي تعرف بسيرته وتنشر أخلاقه وتمدح صفاته وتعلق به قلوب الأجيال الجديدة لعل الله يكتب لها الفلاح.