د. عمر هاشم :
أعداء الحق يكرهون العلماء..وإمام الدعاة لم يجادل السفهاء
د. عبد الفتاح خضر:
الشعراوي ليس معصوما ..والتربص به والافتئات عليه خلق ذميم
تحقيق- جمال سالم :
رغم وفاة إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي في 17 يونيو عام 1998 ، إلا أنه لا تمر شهور إلا ونجد زاعق أو ناعق يعلن كراهيته له وينتقده انتقادا حيا ، رغم أن بعضهم لم يحصل من العلم عشر ومعشار العلامة والمجدد ، وبلغ السفه بمؤيدي المثلية بالتطاول عليه ، ولكن هيهات أن ينالوا منه حتى لو مرت على وفاته عشرات السنين ، بل إن مكانته تزداد رسوخا في قلوب وعقول محبيه من مختلف الفئات العمرية داخل مصر وخارجها وخاصة انه داعية عابر للحدود ، وسيظل كالنخل يلقي بالحجر فينزل أطيب الثمر، وهذه سمات المصلحين في كل العصور ومن مختلف الديانات والحضارات.. وسيظل السؤال المحير: لماذا يكرهون الشعراوي؟ وهذا ما يحاول العلماء الإجابة عليه في هذا التحقيق.
في البداية يوضح الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، أن الحياة منذ خلق الله الكون صراع بيت الخير وأتباعه، والشر وأتباعه، ومهما ارتفع صوت الباطل فإن صوت أتباع الحق سيعلو ولو بعد حين ، لأن هذا وعد إلهي من الله القائل “…. كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ. لِلَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَىٰ ۚ وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ ۚ أُولَٰئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ ۖ وَبِئْسَ الْمِهَادُ”
وأوضح الدكتور عمر هاشم أن إمام الدعاة باتفاق كثير من علماء الأمة هو من المجددين الذين يبعثهم الله على رأس عام للأمة ليجدد لها دينها مصداقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أبو هريرة ” إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا” وهذا المجدد قد يكون فردا أو جماعة ، ولاشك الإمام الشعراوي قل أن يجود الزمان بمثله فهو يتصف بصفات العلماء الصالحين من حيث التمسك بما جاء في كتاب الله تعالى وسنة ومنهج النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهدي الصحابة والخلفاء الراشدين، والابتعاد عن محدثات الأمور، والرسوخ في العلم القائم على ما أنزل من عند الله عن طريق الوحي
وأوضح الدكتور عمر هشم أن الشيخ الشعراوي من أهم العلماء الذين لعبوا دورا كبيرا في تربية الناس وتعليم العلم، وعدم الالتفاف إلى من يهاجمونه لأنه من عباد الرحمن الذين قال الله فيهم ” وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا. وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا….” ولهذا لم يدخل في مهاترات لفظية مع أحد طوال تاريخه مع أحد من خصومه، بل إنه يذكرني بما قاله الإمام الشافعي حين قال
خاطبني السفيهُ بكلِّ عيبٍ.. فأكرهُ أن أكونَ لهُ مُجيبا
يزيدُ سفاهةً فأزيدُ حِلْمًا .. كعودٍ زادَهُ الإحراقُ طيبا !
إذا نطقَ السفيهُ فلا تُجِبْهُ..فخيرٌ من إجابتِهِ السكوتُ
فإن كلَّمْتَهُ فرَّجْتَ عنــْهُ..وإن خلَّيْتَهُ كمدًا يموتُ !
ليس معصوما ولكن
يؤكد الدكتور عبد الفتاح خضر ، عميد كلية القرآن الكريم بطنطا – جامعة الأزهر ، إن من يكرهون إمام الدعاة الشيخ محمد متولي الشعراوي هم الغوغائية الذين يتربصون بالناس الدوائر، ويتصدون زلاتهم ويضخمونها ، ويلبسون الحق بالباطل وهم يعلمون لأن نفوسهم مريضة وتكره الحق وأهله ، ولا يريدون للإسلام والمسلمين خيرا ، بل إنني لست مبالغا اذا قلت أنهم يكرهون الإسلام وليس الشعراوي فقط
وأوضح الدكتور خضر، أن الشعراوي ليس معصوما من الخطأ في بعض الآراء أو المواقف لأنه بشر وليس معصوما من البشر سوى الأنبياء عليهم السلام، أما غيرهم فينطبق عليهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:” كلُّكُم خطَّاءون وخيرُ الخطَّائينَ التَّوَّابونَ” فما أجمل قول الإمام مالك رضي الله عنه:” كلٌ يؤخذ من كلامه ويُرد عليه إلا صاحب هذا القبر” أي رسول الله صلى الله عليه وسلم”، فكل شخص ماعدا الرسل الكرام قد يخطئ ويُرد على كلامه حتى وإن كان صحابيا، فلم يرد من الشرع مايدل على عصمة الصحابة من الخطأ، ولم يقل بذلك أحد من أهل السنة إطلاقا وهذا مافهمته تلك المرأة حينما أخطأ سيدنا عمر رضي الله عنه فردت عليه كلامه، فما كان من الفاروق رضي الله عنه إلا أن يقر بخطئه على الملأ ويقول مقولته الخالدة:” أصابت امرأة وأخطأ عمر” فإن كان هذا ينطبق على الصحابة المبشرين بالجنة فهو ينطبق على غيرهم من باب أولى من التابعين والأئمة الأربعة والعلماء وغيرهم إلى يوم القيامة.
وأنهى الدكتور خضر كلامه مستنكرا التربص بالآخرين عامة، والتربص بالعلماء خاصة لأن لهم محبين وأتباع، وللأسف فإن كبار العلماء عبر التاريخ هناك من يكرهونهم ويتربصون بهم الدوائر وينسبون إليهم مالم يقولوه ويتعمدون مخالفة أمر الله تعالى:” وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ” ذلك لأن نفوسهم مريضة تبحث عن الشهرة الأضواء بمهاجمة كبار المصلحين والعلماء الثقات، ولكن هيهات أن يتحقق لهم ما يتمنونه بل إنه يزيد هؤلاء رفعة في عيون محبيهم، ولله در القائل:
اعرض عن الجاهل السفيه … فكل ما قاله هو فيه
ما ضر نهر الفرات يوماً..أن خاض بعض الكلاب فيه