لا توجد جماعة تاجرت بالدين وسخّرته للاغراض السياسية ولو بالتحالف مع الشيطان لتحقيق أغراضها مثل جماعة الإخوان الإرهابية، ونسى أو تناسى هؤلاء أن السياسية لعبة قذرة لا تعرف سوى المصالح ولا علاقة لها بالقيم والأخلاق التى تحض عليها الأديان، ففى السياسة عدو اليوم، هو صديق الأمس، وكذلك صديق اليوم هو عدو الأمس، والواقع خير شاهد.
صدق المفكر الكبير د. ناجح ابراهيم حين قال أنه عبر التاريخ “ما دخل الدعاة حقل السياسة إلا خسروا الدين والسياسة وخاصة إذا كانت قائمة على مصالح شخصية، أما الاهتمام بأمور الأوطان فهذا أمر مهم، ولكن لا تتاجر بالدين وتسخره لمصالحك السياسية والشخصية.
فى ظل الفتنة التى نعيش فيها وجعلت الحليم حيرانا أجد نفسى من أشد المؤيدين للمقولة الشهيرة للإمام محمد عبده “لعن الله ساس ويسوس وسائس ومَسوس وكل مشتقات السياسة”، فكم ارتكبنا ذنوبا من خلال الكلام فى السياسة وتأثرا بآلة الإعلام التى تزيف الحقائق لصالح طرف ضد الآخر ونحن للأسف تلك المعلومات ونتجادل حولها حتى داخل الأسرة التى انقسمت على نفسها أو التخاصم بين الأصدقاء والزملاء حتى عامة الناس فى الشارع والمواصلات العامة لم يسلموا من “صداع السياسة”!
عزمت أكثر من مرة ألا أصدع نفسى وألوث لسانى بالكلام فى السياسة إطلاقا من بعض قناعاتى فى فهم النصوص الدينية مثل قول الله تعالي: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ”، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم “كفى بالمرء كذبا أن يحدِّث بكل ما سـمع” وقوله “أنا زعيم ببيت فى ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا”.
هل سأل أحد منا نفسه :كم من الذنوب ارتكبها بسبب الغيبة والنميمة بسبب السياسة دون أن ندرى أن كل هذا مسجل ومكتوب علينا وتعد من المظالم التى لن تغفر إلا بعد عفو صاحب المظلمة وصدق الله العظيم إذ يقول: “مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ”.
وأنصح نفسى قبل الآخرين بالامتناع عن الكلام فى السياسة قبل أن نخسر الآخرة والدنيا وخاصة أن كلامنا يؤخر ولا يقدم ،وبدلا من أن نظل فى غفلة وجدال لا ينتهى بخير أبدا أرى أن تجعل همك إرضاء ربك أولا، ولا تشغل نفسك بالإنخراط فى السياسة وتتاجر بالدين من أجلها.
كلمات باقية:
قال تعالي: “وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ. وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا. وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا”.