يهود السويد استنكروا الجريمة وطالبوا بمواجهتها وعدم تكرارها .. وردة الفعل من العالم الإسلامي قوية ومؤثرة
كلما زادت الهجمات العنصرية في الغرب .. زاد حجم الإقبال على الإسلام
حوار – إيهاب نافع
أكد فضيلة الشيخ حسان موسى نائب رئيس مجلس الإفتاء السويدي، أن الهجوم العنصري على الإسلام متمثلا في حرق المصحف الشريف من وقت لآخر ازداد بشكل مؤسف وبموافقة من الشرطة في السويد رغم تحذيراتنا المستمرة للسلطات السويدية من مثل تلك الأمور، لكن تأثير الحكومة اليمينية الحالية على مثل هذه الأزمات واضح ومدعوم من قبل العنصريين النازيين المتطرفين .
أوضح في حوار لعقيدتي أن كافة الطوائف الدينية في السويد استنكرت هذه العمل الشنيع، ومسئولي الطائفة اليهودية أكدوا على رفضهم تلك الأعمال، وقالوا أنهم قديما بدأ النازيون المتطرفون معهم بحرق رموز لهم ثم تمادوا في الهجوم عليهم حتى وصلوا لحرق اليهود في أفران الغاز محدثين الهولوكوست، وأنه يجب التصدي لمثل هذه الأمور حتى لا يتجرأ النازيون الجدد على الرموز الدينية.
بداية ما هي آخر تطورات أزمة حرق المصحف في الداخل السويدي؟
إن حادثة حرق نسخة من القرآن الكريم من قبل العنصري العراقي الأصل في يوم عيد الأضحى المبارك ومن قبله في يناير الماضي حادث الحاقد راسموس بالودان يعد عملاً شنيعا ومقززا وإمعانا منهم في نشر الكراهية وتأجيج العنف وشرخ النسيج الاجتماعي، أمر يتنافى مع حالة التسامح والرقي التي يحياها المواطنون في السويد فضلا عن كونه إستغلال غير مبرر لكونه تحت لافتة الحريات، بل إننا أعلنا صراحة وفي مقابلات تليفزيونية ولقاءات علنية وبيانات رسمية من مختلف المؤسسات الدينية والإسلامية في السويد عن رفضنا واستنكارنا الكامل لسماح السلطات السويدية بارتكاب مثل هذه الجريمة الشنعاء التي عني بها الإساءة لأقدس الكتب السماوية عند المسلمين وقصد ارتكاب تلك الجريمة في أيام مقدسة عند المسلمين تأجيجا للكراهية ودفع المجتمع السويدي المسالم بطبعه في مواجهة ردات الفعل لتلك الأعمال التي تعبر عن سواد أنفس مرتكبيها وحاشاه أن تسيئ تلك الأعمال للإسلام، لكن حق للمسلمين أن يغضبوا لدينهم ولرسالتهم.
لكنكم أصدرتم بيانا رسميا فما كانت فحواه؟
استنكرنا في المجلس السويدي للإفتاء قيام متطرف حاقد بحرق نسخة من المصحف الشريف، في يوم هو أفضل أيام العام وأكثرها تعظيما لدى ما يربو على المليار ونصف مسلم في العالم، منهم سويديون. كما أكدنا على أن الادّعاء بأن ما قام به هذا الخبيث يأتي تحت حرية الرأي أمرًا غير مقبول، فهذا الفعل الشنيع ليس رأيًا يمكن نقاشه أو تفهمه.
إساءات متكررة
وما تفسيركم لتكرار تلك الإساءات؟
تكرار الاعتداءات على أماكن عبادتنا وكتابنا المقدّس وأمام مساجدنا، لا يمكن تفسيره إلا استغلالا من المتطرفين والمتصيّدين بالماء العكر، لفراغ في القوانين التي طالما نادت منظمات ودول وأصحاب خبرات تضمينها ما يشمل المسلمين ورموزهم الدينية من مواد، أسوة بغيرهم من المجموعات التي حماها القانون ويعاقب من يتعرّض لها.
برأيك هل مثل هذه الأفعال يمكن أن تنعكس على مكانة الإسلام في السويد وفي الغرب عموما؟
كلنا يعلم أن المصحف الشريف حفظه الله في الصدور قبل السطور وضمن حفظه ومتوفر لكل من أراد السعادة والرقيّ، والسماح رسميا بارتكاب مثل هذه الأفعال المخذية سيجعل الذين يطالبون بمنع أو الاحتجاج على هذا الفعل وكأنهم ضد الحريات وهذا من جهة غير صحيح ومن جهة أخرى تنزيل لقيمة الحرية السامية وامتهان لها وتوجيهها فقط ضد قيم المسلمين، وما قام به العنصريون من عمل شنيع ومقزز حيث حرق نسخة من المصحف الشريف إمعانا منه بنشر الكراهية ليس أكثر، وهذا جملة وتفصيلا لن يؤثر على مكانة الإسلام ولا المسلمين في السويد أو الغرب، بل إن الغريب في كل مرة يحاول مثل هؤلاء الكارهين للإسلام النيل منه والإساءة لرموزه نجد نصر الله يأتي بعزة للإسلام والمسلمين من داخل المجتمعات الغربية، فتارة يزداد حجم الإقبال على التعرف على الإسلام، وبالتالي تزداد موجات إشهار الإسلام، وينصر الله دينه ويعزه في قلب بلاد الغرب، فالله هو الذي أنزل كتابه وتعهد بحفظه ولن ينال منه متطرف هنا ولا هناك.
مواجهة الحكومة اليمينة
لكن مرت الأزمة وتفاعل معها العالم الإسلامي .. ماذا أنتم فاعلون ؟
علينا أن لا نفتر في المطالبة بحقنا كمواطنين بأن نحترم في حقوقنا الأساسية ومنها حق التدين المكفول بالدستور، وأن تحترم مشاعرنا وألا يقاس حسّ الملحد تجاه الأديان بإحساس المؤمنين، والحفاظ على النسيج الاجتماعي ومتانة الجبهة الداخلية وخاصة في الفترة الحالية ضرورة يعيها الحكماء والحريصون على البلد؛ ولذا نطالب الحكومة اليمينية بأن لا تسمح بهكذا أفعال خاصة وأن مطالبنا تلك تتوافق مع مواقف العالم الإسلامي المشرفة والقوية ولاسيما مواقف الدول العربية والإسلامية الكبرى فضلا عن الأزهر الشريف ورابطة العالم الإسلامي وغيرها.
ترجمة القرآن
وماذا أيضا على العالم الإسلامي برأيك؟
ندعو المسلمين للعمل بتعاليم القرآن الكريم التي تدعو للمحبة والسلم والعناية بالأخوة الإنسانية ومعرفة الله المنعم، ونشر هذه التعاليم بين الناس بطباعة ترجمة القرآن الكريم وتوزيعها على الراغبين، وإدارة الحوارات والندوات وتسميع التلاوات لكل الناس والتي ثبت أنها تشيع الراحة والطمأنينة بين كل من أصغى لها سمعه وقلبه،
وماذا تقولون لقيادات السياسة السويدية التي سمعت بمثل هذه الأفعال النكراء؟
ندعو السياسيين في السويد بألا يهدروا أموال المواطنين دافعوا الضرائب في تحقيق نزوات عنصريين وخاصة أن جزءا ليس بسيطا من هذه الأموال هي مقتطعة من رواتب وتجارات المسلمين.. ونريد الإفصاح عن المبالغ الحقيقية التي لزم إنفاقها على حماية هذا العنصري وما ترتب عليه إعطاءه مثل هذا التصريح المشؤوم والشعب السويدي يعيش صعوبات معيشية لا تخفى. ونحن ومع كل تلك المطالب ندعو الله أن يعمّ الأمن والأمان ربوع بلادنا وبلدان العالم وأن يفوّت على الحاقدين والمفسدين ما يرمون إليه من صناعة فتنة وجر البلاد لساحة من العراك ونحن نقول للجميع ما كانت الأديان إلا لصناعة التسامح والتراحم بين بني البشر جميعا.
قانون أعرج
لكن ماذا ينص القانون السويدي في مثل تلك الحالات؟
التزاما بالمادة 10 من اتفاقية حقوق الإنسان، يكفل القانون السويدي حرية التعبير عن الرأي ونشر الأفكار بغض النظر عن فحواها، وهذا يعني أنه يسمح للجميع بتنظيم مظاهرات ووقفات احتجاجية في الأماكن العامة.. لكن ذلك الحق قد يتلافى عندما تُستخدم حرية التعبير بطريقة من شأنها أن تهدد مصالح الأمن القومي أو تسئ لسمعة وحقوق الآخرين أو التحريض ضد الجماعات العرقية وغير ذلك.
كما تنص المادة الـ17 من اتفاقية حقوق الإنسان، على أنه “لا يجوز لأحد أن يستخدم أيا من الحقوق التي تكفلها الاتفاقية لإلغاء أو لتقييد حقوق الآخرين”.
جريمة بشعة يجب أن نواجهها
وماذا عن الاختلاف في حادث حرق المصحف هذه المرة عن المرات السابقة؟
الحادث هذه المرة مختلف لعدة أسباب أولها أن مرتكب الجريمة من أصول عربية عراقية مع براءة العراق منه ومن أمثاله، ثم ارتكابه لهذا الجرم أمام مسجد ستوكهلم الكبير بتصريح من الشرطة وفي يوم عيد الأضحى المبارك في استفزاز متعمد لمشاعر مليون مسلم يمثلون جزءا مهما وفاعلا في المجتمع السويدي، فضلا عن مليار ونصف المليار مسلم في مختلف أنحاء العالم استغلالا لوجود حكومة متطرفة يمينية ضعيفة تتدسر بتنفيذ قوانين بالية تسمح بممارسات تحت رايات الحريات بشكل يستعدى المسلمين في الداخل والخارج.
موافقة الشرطة
لكن هل أن الشرطة لم تكن على علم مسبق بكل تلك التفاصيل؟
للأسف الشديد الشرطة كانت على علم مسبق بكل التفاصيل التي أقدم عليها الشخصين ووافقت على ذلك، وهذا أمر يمثل إزدواجية في المعايير فضلا عن صدور حكم قضائي يرفع حظرا من الشرطة على احتجاجات ترتبط بحرق المصحف، وفي استكمال لأحداث مماثلة جرت العام الماضي من قبل
رد فعل إسلامي مشرف
وكيف رصدتم حجم التفاعل العربي والإسلامي مع الأزمة ؟
التفاعل العربي والإسلامي مع الأزمة كان قويا ومشرفا جدا فالأزهر الشريف أصدر عدة بيانات قوية في هذا الجانب وكذلك رابطة العالم الإسلامي والجامعة العربية والدول الإسلامية الكبرى في مقدمتها مصر والسعودية والإمارات وحتى تركيا كان لها موقفا مؤثرا ارتبط بمسألة الانضمام للناتو وهذا يحسب له حسابه في الداخل السويدي، وبالتالي فردات الفعل العربية والإسلامية كانت مشرفة وقوية جدا وعبرت عن تفاعل مع الأزمة على قدرها.
المواطن السويدي المسلم هل يشعر بأي خطر في الداخل السويدي؟
لا توجد أي مخاطر على الإطلاق فنحن مواطنون لنا كل الحقوق ونلتزم بكافة الواجبات ولا توجد مخاطر حقيقية في المجتمع وحادث حرق المصحف نؤمن أنه نابع من تيار متطرف يمثل توجها يمنيا متطرفا له تأثير في الوقت الراهن على القرار السياسي في البلاد وعبرنا بكل قوتنا عن رفضنا له والحكومة تتحسب لكافة ردات الفعل خاصة وأن العالم الإسلامي كان قويا ومعبرا عن نصرة كبيرة للإسلام بشكل أرعب راموس ورفاقه .
كلمة أخيرة حول هذه الأزمة ماذا تقول ؟
الأزمة بدأت سياسية بأبعاد عنصرية لكن يجب ألا يكررها ذلك اليميني المتطرف أي كانت الأسباب عنصرية أو سياسية فالاعتداء على الرموز في كافة الأديان يجب أن يجرم في كافة بلدان العالم درءاً للفتنة وحفاظا على السلام المجتمعي والعالمي.