احتفى فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، بالذكرى الـ1085 لتأسيس الجامع الأزهر، والتي توافق السابع من شهر رمضان المبارك، حيث أكد فضيلته في منشور عبر صفحاته الرسمية على مواقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” و”إكس (تويتر سابقًا)” أنه منذ أن أُقيمت أول صلاة في الجامع الأزهر العتيق، منذ 1085عاما، وبدأت معها مسيرة دعوة وحضارة، علم وعدل، هُوية ووطنية، وأثَّرت وأثمَرَت، وهوَت إليها أفئدة المسلمين من شتى بقاع العالم.
ووجَّه شيخ الأزهر نداءً إلى المسلمين في كل مكان، داعيًا إياهم إلى أن يُؤثِروا اتحادهم، ويجمعوا كلمتهم، مُتوجهًا إلى المولى عزَّ وجلَّ بأن يحفظ للأزهر دَوره التاريخي كملاذٍ لوحدة الكلمة، ومرجعيةٍ جامعةٍ لجميع أطياف الأمة الإسلامية.
.. وبحضور طلابه وكبار علمائه وفي رحاب أروقته:
الجامع الأزهر يحتفي بمرور 1085 عاما على تأسيسه
د. الضويني: قائد الدعوة للإسلام والدفاع عن سماحته
أمين كبار العلماء: ركيزة أساسية في حماية الأمة علميا وفكريا
رئيس جامعة الأزهر: قلعة العلم وحصن الدين وعرين العربية
أمين البحوث الإسلامية: حصن الوعي الإنساني في العالم كله
د عبدالمنعم فؤاد: أروقته تحمي الشباب من التطرف
نظَّم الأزهر الشريف، يوم الجمعة، احتفالية كبرى بالجامع الأزهر بمناسبة مرور 1085 عامًا هجريًّا على أول صلاة أقيمت في الجامع الأزهر في السابع من رمضان 361هـ، الموافق 21 يونيو 972م، برعاية فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، بحضور د. أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة، د. إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، د. محمد الضويني، وكيل الأزهر، د. سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، د. عباس شومان، الأمين العام لهيئة كبار العلماء، د. محمد الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، الشيخ أيمن عبدالغني، رئيس قطاع المعاهد الأزهرية، د. أتى خضر، رئيس قطاع مكتب شيخ الأزهر، د. إسماعيل الحداد، الأمين العام للمجلس الأعلى للأزهر، ولفيف من كبار علماء الأزهر وقياداته وطلابه.
وفي أجواء إيمانية رمضانية، اصطفَّ آلاف المصلّين في رحاب الجامع الأزهر، في الليلة الثامنة من شهر رمضان المبارك لعام 1446هـ، يؤدّون صلاتي العشاء والتراويح، راجين رحمة الله وتجارةً لن تبور، ومستبشرين ببركات الشهر الفضيل.
وامتلأت أروقة الجامع الأزهر بالمصلّين من مختلف المحافظات، إضافة إلى الطلاب الوافدين الذين جاءوا من شتّى بقاع الأرض ليشاركوا في هذه الأجواء الرمضانية الفريدة، حيث علت أصوات التلاوة بالقراءات المتواترة، وتجلّى المشهد في صورة روحانية تفيض بخشوعٍ وأخوةٍ في رحاب بيت الله العتيق.
ورُفع أذان العشاء الشيخ محمد سالم عامر، القارئ والإمام بالجامع الأزهر، وأقيمت صلاة العشاء من سورة الأنعام، بإمامة فضيلة الشيخ محمد فوزي البربري، القارئ والإمام بالجامع الأزهر، الذي قرأ برواية الإمام حفص عن الإمام عاصم الكوفي.
وانطلقت أصوات التلاوة بخشوع من سورتي الأنعام والأعراف في صلاة التراويح، حيث أَمَّ المصلّين نخبة من قرّاء الأزهر: الشيخ أحمد سعد العجمي، الواعظ بمنطقة وعظ الغربية، قارئًا برواية الإمام قالون عن الإمام نافع المدني، الشيخ محمد سالم عامر، القارئ والإمام بالجامع الأزهر، قارئًا برواية الإمام أبي الحارث عن الإمام الكسائي، الشيخ رضا رمضان عبدالجواد، مدرس القراءات بمنطقة المنيا الأزهرية، قارئًا برواية الإمام شعبة عن الإمام عاصم الكوفي.
أما صلاة الشفع والوتر وصلاة الفجر، فتقدّم لإمامة المصلّين فيها الشيخ أحمد محمد جعفر، عضو إدارة الرواق الأزهري بالإسكندرية.
مسئولية الدعوة
قال د. الضويني، إن الأزهر أخذ على عاتقه –منذ أكثر من ألف عام- مسئولية الدعوة إلى الإسلام، والدفاع عن سماحته ووسطيته واعتداله، ونشـرها في مختلف دول العالم، من خلال آثاره العلمية والخلقية المباركة التي يتركها في عشـرات الدول التي تدفع بفلذات أكبادها إلى معاهده وجامعته خاشعين في محاريبه، متعلمين من مناهجه، مستفيدين من فعالياته، ثم بهذا الزاد الروحي والخلقي والعلمي الذي يحمله الأزاهرة المبتَعثون، الذين يؤكدون أينما حلوا أن الإسلام دين المحبة والتعاون والتآخي والتعايش السلمي بين أبناء البشـر، وأنه دين الرحمة والمودة والبعد عن الغلو والتطرف الذى ترفضه أديان السماء، فضلا عن نشر علوم الشريعة التي تصون الحياة.
وأكد د. شومان، أن الأزهر لم يكن مجرد مؤسسة تعليمية فحسب، بل كان على مدار تاريخه ركيزة أساسية في حماية الأمة علميا وفكريا، فدوره لم يقتصر على نشر العلوم الشرعية واللغة العربية، بل امتد إلى الدفاع عن قضايا الأمة، والتصدي لكل محاولات الهيمنة والاستعمار، مشددًا على أن الأزهر سيظل صوتًا للحق، ومنارةً للوسطية، ودرعًا حاميًا لمصر والمسلمين والعالم بأسره.
قلعة العلم
وأكد د. سلامة داود، أن الجامع الأزهر بتاريخه العريق يمثل قلعة العلم، وحصن الدين، وعرين العربية، وقد وهبه الله منحةً لمصر وللعالم، ودرعًا للأمة، يرد عنها غوائل الزمان، ونوازل الحدثان، موضحا ن اسم «الجامع» يدل على أنه يجمع شمل الأمة، ويقاوم تفرقها وتشتتها؛ لتعود كما أراد الله تعالى لها في قوله جلَّ وعلا: «إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ»، موضحا أن هذه الغاية القرآنية، هي الغايةُ النبيلةُ والسعيُ الموَفَّقُ الدؤوبُ الذي يقوم به فضيلة الإمام الأكبر في الحوار الإسلامي- الإسلامي، الذي يسعى إلى نبذ الفرقة والتعصب، والاجتماع على الثوابت والأصول المشتركة التي اتفقت عليها الأمة على اختلاف مذاهبها؛ لأن العالم الإسلامي لم يجنِ من الفرقة إلا الضعف والوهن، ولم تكن الأمة أحوج إلى الاتحاد واجتماع الكلمة ولمِّ الشمل منها الآن بعدما تداعت عليها الأمم.
حصن الوعي الإنساني
وقال د. محمد الجندي، إن الأزهر هو حصن الوعي الإنساني في العالم كله، فرسالة الأزهر رسالة عالمية، حيث يفد عليه طلاب من ربوع الأرض، من دول آسيا وأفريقيا، يدرسون في الأزهر العلوم الدينية والشرعية الصحيحية، ثم يعودون لبلدانهم وهم فقهاء في الدين والقرآن مفسّر في قلوبهم، ولهذا حق علينا أن نحتفي كل عام في هذا اليوم بذكرى الأزهر الشريف السنوية، إيمانا منا بما له من مكانة في قلوبنا وقلوب المسلمين حول العالم.
حماية الشباب
وقال د. عبدالمنعم فؤاد، إن الغرض من الدراسة في أروقة الأزهر الشريف هو مواجهة الأفكار المتطرفة وحماية شبابنا منها، تلك الأفكار التي جاءت من كل فج عميق وغزت بلادنا، وتغولت على عقول شبابنا، مؤكدا أن فضيلة الإمام الأكبر يولي اهتماما كبيرا بالرواق الأزهري وهو حريص على التوسع فيه ليكون ملاذا لأكبر عدد ممكن من الدارسين في كل مكان داخل مصر وخارجها.
يُذكر أن المجلس الأعلى للأزهر قد قرر في مايو 2018، برئاسة فضيلة الإمام الأكبر د. أحمد الطيب، اعتبار السابع من رمضان يومًا سنويًّا للاحتفال بذكرى تأسيس الجامع الأزهر.
.. وفي درس التراويح: سيظل الأزهر منارة للحق والهدى يؤدي رسالته بإخلاص
وتناول د. ربيع الغفير، أستاذ اللغويات بجامعة الأزهر، في درس التراويح بالجامع الأزهر، الدور التاريخي للأزهر في نشر العلم والدين، مؤكدًا أنه كان ولا يزال حصن العقيدة، ومهد اللغة، وحارس القرآن والسنة، وأنه رغم التحديات التي تواجهه، سيظل منارة للحق والهدى، يؤدي رسالته بإخلاص.
وأشار إلى أهمية التمسّك بكتاب الله، موضحًا أنه الشفاء والهداية والنور الذي يبدّد ظلمات الضلال والتخبّط، مستشهدًا بقوله تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ.” كما أشار إلى حديث النبي الذي يصف القرآن بأنه حبل الله المتين والنور المبين والصراط المستقيم، مشدّدًا على أن من تمسّك بكتاب الله نجا، ومن ابتغى الهدى في غيره ضل.
وأكد أن الأزهر يحمل على عاتقه مسؤولية العناية بالقرآن، وتعليمه كما أراد الله، ليظل هداية للأمة ومنهجًا للنجاة.
احتفاء “المناطق الأزهرية”.. رمز الوطنية المصرية
احتفلت المناطق الأزهرية في جميع المحافظات، بالذكرى، كتعبير من أبناء الأزهر عن اعتزازهم بمؤسستهم الأزهرية التي لا تزال شامخة وتعبر عن وسطية الإسلام وسماحته، والتي ينظر إليها بأعين العالم كونها الحصن الحصين الذي يلتجأ إليه ضد الأفكار الهدامة والمتطرفة.
وشهدت جميع المحافظات تواجدًا كبيرًا من القيادات الشعبية والتنفيذية في الاحتفالات باليوم السنوي للأزهر، الذين أكّدوا خلال الاحتفالات، أهمية الدور التاريخي للأزهر في نشر ثقافة المحبّة والسلام والتعايش الإنساني، ونشر الدين السمح، ليبقى دائما حصنًا حصينًا لكل المسلمين في شتّى أنحاء العالم الإسلامي، كما عبّر المشاركون أن الأزهر هو رمز الوطنية في مصر من خلال الدور الذي يقوم به علماء الأزهر الشريف في الدفاع عن الوطن في شتى الميادين، معتبرين أن وجود الأزهر على أرض مصر المحروسة هو نقطة قوة للدولة المصرية، كما أنه سببٌ في كون مصر هي الوجهة العلمية الأولى في العالم من خلال توافد الطلاب من كل مكان لينهلوا العلوم الشرعية والعربية من منبعها الأصيل.
وعبّر المشاركون عن اعتزازهم بدور الأزهر في الترابط العربي والإسلامي والذي قام به في الكثير من اللحظات الحرجة التي تعرّضت لها الأمة الإسلامية والعربية، وهو ما يجعل الأقطار العربية والإسلامية في كل مكان تنظر إلى الأزهر كونه الرابط القوي الذي يجمع شمل الأمّة، من خلال مواقفه القويّة التي يلتف حولها الجميع دون استثناء كونها مواقف تعكس قيم الإسلام ومبادئه، نتيجة لما بذله علماؤه الكرام عبر التاريخ من الحفاظ على رسالة الأزهر، بالإضافة إلى الدفاع عنها بكل غالٍ ونفيس كي تظلّ على صورتها التي تعكس وسطية الإسلام وسماحته.
وخلال الاحتفالات وجّه أبناء الأزهر رسالة تضامن وتأييد لأهل غزّة في موقفهم ضد العدو الصهيوني، وفي تمسّكهم بأرضهم والدفاع عنها، وللقيادة المصرية في رفض محاولات تهجير سكّان غزّة، مؤكّدين أن مواقف فضيلة الإمام الأكبر، في نصرة قضايا فلسطين ودعم القضايا الإنسانية، يمثّل نبراسًا يضيء لهم الطريق، في مساندة الحق ودعم القيم النبيلة التي حث عليها الإسلام.
قالت د. إلهام شاهين- الأمين المساعد لشؤون الواعظات، والمشرف العام على إعداد وتنفيذ الاحتفالية بالمحافظات-: الاحتفال بهذا الشكل بمثابة عيد يحتفل به المصريون جميعًا، وهو نابع من تقديرهم لدور الأزهر الوطني والإنساني، كما أن احتفال أبناء الأزهر بمؤسستهم ليس مجرد تقليد سنويّ، بل هو رسالة انتماء وتعبير عن مكانة هذا الصرح العريق في نفوسهم، والتي لا يوجد من بين مؤسسات العالم مؤسسة يحتفل بها أبناؤها بهذا القَدْر.