مخطط غربي صهيوني لتنفيذ “اسرائيل الكبرى” وتكريس سيطرة اليهود على “المسار الإبراهيمي”
محاولة لصهر الأديان السماوية الثلاثة في ديانة جديدة يدعو إليها الغرب لتنفيذ دعواتهم المشبوهة
فكرة قديمة ظهرت في الغرب 1811 تحت مسمى “الميثاق الإبراهيمي”
د. الجليند: دعوة تتجدد كلما مر العالم العربي بأزمة مع الصهيونية.. ويرفضها اليهود المحافظون والمسيحيون
د. الشرقاوي: مخطط استعماري سيفشل تطبيقه على أرض الواقع
د. سلامة: يهدف لإعادة تشكيل الوعي الاسلامي والعربي ليكون أكثر تقبلاً لوجود اسرائيل
طـــارق عـــبدالله
ظهرت فكرة إحياء “الديانات الإبراهيمية” لفرضها في المنطقة العربية والإسلامية لتكون واقعا جديدا بديلا لفكرة “صفقة القرن”، ورغم فشل هذه الفكرة من قبل، حيث أطلت برأسها خلال حقبة التسعينيات من القرن الماضي ونشطت عقب أحداث 11 سبتمبر 2001، إلا أنه لم يكتمل تنفيذها، وتحاول بعض القوى العالمية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية حاليا احياء هذه الفكرة على المستويين الديني والسياسي.
و “الإبراهيمية” نسبة إلى نبيّ الله إبراهيم عليه السلام، وقد أُطلِق على ما يُسمى بـ”الديانات الإبراهيمية”، والمقصود بها: اليهودية، والنصرانية، والإسلام، باعتبار أنها جميعا تشترك في الإيمان بسيدنا إبراهيم والانتسابِ إليه، والاعتراف بمكانته الكبيرة.
وتتمثل فكرة “الديانة الإبراهيمية” في صهر الأديان السماوية الثلاثة “الإسلام واليهودية والمسيحية” لينتج عنها ديانة جديدة يدعو إليها الغرب وبنو صهيون، يزعمون أنه من خلالها يَعُمّ السلامُ، والأُخوّةُ الإنسانيةُ، والمشترَكُ الدينيّ، وذلك من خلال جمع نقاط الاشتراك بين الديانات الثلاث، وتنحية النقاط المختلف فيها جانبا.
أكد مفكرون وعلماء أن الدعوة إلى “الديانة الإبراهيمية”، وما يتفرع عنها إنما هي نبتة شيطانية غريبة عن الإسلام وبيئته، مشيرين إلى أنها دعوة خطيرة تنادي بـ”دين واحد عام” يطلقون عليه اسم “الدين الإبراهيميّ”، مؤكدين في ذات الوقت أن الغرب يصدر لنا هذه الفكرة حاليا ويحاول الترويج لها لمآرب خطيرة دينيّة وسياسية، مثلما صدّر لنا دعواتٍ أخرى هدامةً، كالعلمانية والقومية، وغيرِهما.
وأشاروا إلى أن اختيار الغربيين للمصطلحات التي تكون عنوانا لدعواتهم المشبوهةِ يكون مدروسًا بعنايةٍ كبيرة، ومنها مصطلح “الإبراهيمية” الذي يتّسِم بالبريق، والإغراءِ الكامن في استغلال الاسمِ النبويِّ الكريم، ورمزيةِ ومكانةِ أبي الأنبياء إبراهيمَ عليه السلام، والخداعِ المتَستّرِ بالحديث عما يسمونه “المشترَك الإبراهيميّ”، الذي يُوارِي حقيقةَ المشروعات والتوجّهات الخطيرةِ المدَمِّرة!!
وكان قد كثر تداول مصطلح “الإبراهيمية” منذ الإعلان عن اتفاق السلام بين اسرائيل وبعض الدول الخليجية في العام الماضي برعاية امريكية خلال فترة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، وأُطلق اسمُ “أبراهام” على الاتفاق- نسبة إلى النبي ابراهيم عليه السلام- وقد طلب ترامب وقتها من السفير الأمريكيّ في إسرائيل “ديفيد فريدمان” أن يشرح دواعي إطلاقِ اسم “اتفاق إبراهيم” على وثيقة التطبيع بين إسرائيل والإمارات، فردّ السفير الأمريكيُّ بالقول: (إبراهيم، كما يعلم الكثير منكم كان أبًا لجميع الديانات الثلاث العظيمة، يشار إليه باسم “أبراهام” في العقيدة المسيحية، و”إبراهيم” في العقيدة الإسلامية، و”أبرام” في العقيدة اليهودية.
اجراءات تمهيدية
ووفقا لأحد الدراسات البحثية هناك عدد من الإجراءات تم تنفيذها على الأرض للتمهيد لهذا المشروع السياسي ذو الأبعاد الدينية منها على سبيل ذلك لا الحصر:
– مؤتمر دافوس، الذي عُقدت على هامشه لجنة المائة التي تهدف بدورها إلى الوصول للمشترك الإبراهيمي، والتقارب بين القيادات الروحية والسياسية وتوفير سبل الدعم الممكن.
– قامت الولايات المتحدة عام 2013، بإنشاء فريق عمل حول الدين والسياسة في وزارة الخارجية بقرار من “هيلاري كلينتون”، يضم 100 عضو نصفهم رجال دين من الديانات الثلاثة، يعملون جنبًا إلى جنب مع الدبلوماسيين بالوزارة، واستمر هذا الفريق قائمًا في إدارةالرئيس السابق دونالد ترامب.
– تزكية الصراعات الدينية القائمة على الأرض بين أنصار الدين الواحد، وأهمها الصراع السني-الشيعي، فهو الممهد لقبول هذا الفكر باعتبار أن سلوك أتباع الدين الواحد هو دليل على غياب التسامح داخل هذا الدين، وهو ما سينفر أتباعه، وسيجعلهم يقبلون بالمشترك الإبراهيمي.
– التواصل مع الشباب، باعتبارهم أساس الحركة المجتمعية، وهم المستقبل، على أن يتم تدريبهم مع غيرهم من أتباع الأديان الإبراهيمية، والوصول إلى طقوس دينية جديدة مستحدثة بين الأديان الثلاثة للبدء في إقناع مجتمعاتهم بتطبيقها بالفعل داخل دور العبادة.
– إقامة مجمعٍ يَضُم معابدَ للأديان الثلاثةِ في مكانٍ واحد، وتجاوز الأمر إلى فكرة طبع القرآن الكريم، والتوراة، والإنجيل في غلاف واحد.
– انتشار الجمعيات النسائية، باعتبارها أهم سبل تحرير المرأة بالمنطقة، خاصة التي تعاني من تهميش اقتصادي، حيث تحتل المرأة مكانة مهمة داخل هذا الفكر لأنها أساس الأسرة خاصة بمنطقة الشرق الأوسط.
– قامت الخارجية الأمريكية بإنشاء “شبكة الشبكات” والذي يتضمن (القادة الروحيين، أسر السلام، مراكز الفكر الإبراهيمية) لنشر الفكرة بين المجتمعات المختلفة، مثلما قامت أسر السلام بإزالة الألغام من منطقة غور الأردن تحت شعار السلام العالمي، ومثلما قامت جامعة فرجينيا بإنشاء مركز الدراسات الإبراهيمية.
– حاولت منظمة الأونروا فور وصول “ترامب” إلى السلطة حذف عبارة “القدس عاصمة فلسطين” من المقررات الدراسية للصف الأول إلى الرابع الابتدائي بمدارسها لتحل محلها عبارة “القدس المدينة الإبراهيمية”، كمحاولة لتغيير وتغييب هوية الأطفال خلال مرحلة التشكيل ليكونوا نواة التطبيق للمخطط المستقبلي، وتمهيدا لزرع مفهوم الإبراهيمية.
كل هذه وغيرها من الإجراءات حدثت وتحدث وستحدث، لتنفيذ خطة صهر الأديان وإهدار المقدّسات، وفرض السيطرة لدين جديد، يكرّس لسيطرة اليهود على المسار المزعوم ”المسار الإبراهيمي”، ولكن حجر العثرة أمام هذا المخطط هو الشعوب ومدى وعيها ويقظتها للمؤامرات التي تُحاك لها ولدينها.
نبذة تاريخية
“الديانة الإبراهيمية” مصطلح تم إطلاقه مطلع الألفية الثالثة – كما توضح هبة جمال الدين مدرسة العلوم السياسية بمعهد التخطيط القومي وعضو المجلس المصري للشؤون الخارجية- ليؤكد أن الأديان السماوية وطرحه جاء ضمن مفهوم جديد لحل النزاعات والصراعات الممتدة والقائمة على أبعاد دينية متشابكة وهو مفهوم الدبلوماسية الروحية لتمثل خلاله الأديان الإبراهيمة أحد أبرز أركان هذا المفهوم الجديد.
وتشير د. هبة إلى أن مشروع “الديانة الإبراهيمية” بدأ التخطيط له عام ١٩٩٠، وبدأ تنفيذه ٢٠٠٠، وبدأت مأساته داخل وزارة الخارجية الأمريكية ٢٠١٣م، موضحة أن المشروع عندما بدأ التخطيط له في تسعينيات القرن العشرين قامت الإدارة الأمريكية بإنشاء “برنامج أبحاث دراسات الحرب والسلام”، وبدأت في اختيار المفهوم الإبراهيمي عام 2000 عن طريق جامعة هارفارد، حيث قامت الجامعة بإرسال فريق من الباحثين الأمريكيين المتخصصين لمنطقة الشرق الأوسط بما فيها البلدان العربية كافة وتركيا وإيران واسرائيل، محاولين اختبار فرضية وضع نبي الله ابراهيم عليه السلام كعنصر تتجمع حوله هذه الدول المختلفة من أجل وضع دين جديد يساعد على حل الصراع العربي الإسرائيلي من خلال هذا التجمع حول الدين الإبراهيمي الجديد، حيث توصل هؤلاء الباحثين إلى أن الثقافة الدينية والرأي العام في المنطقة سواء كان يهوديا أو مسيحيا أو مسلما يحمل مكانة كبيرة للنبي ابراهيم عليه السلام.
وبعد أحداث 11 سبتمبر 2001 – والكلام مازال لمدرس العلوم السياسية بمعهد التخطيط القومي- ثارت نقاشات جدية موسعة أكثر حول إمكان جمع شتات المنتمين إلى الأديان الكبرى الثلاثة تحت راية الديانات الإبراهيمية بحثا عن أواصر السلام المشتركة روحيا فيما بينهم بوصفهم ورثة ابراهيم وعليهم التعاون التأويلي على فهم ما وقع لهم أو فيما بينهم.
مخطط قديم
ولكن “الديانة الإبراهيمية” – كما يوضح الباحث الأكاديمي د. كمال سلامة في دراسته “الولايات المتحدة الإبراهيمية والسيطرة على الشرق الأوسط”- لم تكن جديدة فكرة جديدة يسعى إليها المجتمع الغربي، فهي ورغم أنها مفهوم حديث، إلا أنه ومنذ عام 1811م هناك ما يسمى بـ”الميثاق الإبراهيمي” Abrahamic Covenant) The ) الذي يجمع بين المؤمنين في الغرب، وذلك قبل أن يتحول اسم إبراهيم إلى اصطلاح بحثي لدى المؤرخين في الخمسينات من القرن العشرين، وكان أول من رسخه المستشرق الفرنسي الكبير “لويس ماسينيون” في مقال نشره 1949م تحت عنوان “الصلوات الثلاث لإبراهيم أب كل المؤمنين” ثم تحولت الديانات الإبراهيمية إلى حقل دراسات مستقلة بنفسها. لكن استعمال مصطلح الدين الإبراهيمي الجديد لم يتم تداوله إلا في تسعينيات القرن العشرين، عن مجموعة من الباحثين الأمريكيين المتخصصين الذين حاولوا اختبار وضع دين إبراهيمي جديد يساعد على حل الصراع العربي الإسرائيلي.
خطورة دينية
ويرى د. سلامة أن خطورة فكرة الديانة الإبراهيمية ليست فقط على المستوى السياسي كما يراد لها، وإنما خطورتها الكبرى تكمن في الجانب والهوية الدينية، حيث يحاول القائمون على الفكرة إعادة تشكيل الوعي الاسلامي والعربي والإسلامي ليكون أكثر تقبلاً لوجود “اسرائيل” المحتلة بغطرستها، وبما يخدم تنفيذ مخططاتها؛ ويستند هؤلاء إلى شئ من المنطق في روايتهم الدينية ومن خلال إجراء مقاربات دينية وفق تصورهم المريض، كما وتظهر خطورتها في أن ملكية أرض مسار سيدنا إبراهيم في رحلته والذي حل ضيفاَ فيها على مدينة الخليل وأهلها، ليس لشعوب المنطقة وسكانها الحاليين بل هي أرض إبراهيمية عالمية! مشيرا إلى تأكيدات “وليام يوري” رئيس مبادرة مسار ابراهام في هذا الشأن أنه لا يوجد ولاء للحدود ويجب أن يكون الولاء للفكرة وبالتالي لا توجد ملكية للاماكن المقدسة، وعلى المستوى السياسي قامت الولايات المتحدة الامريكية من أجل تحقيق هذه الفكرة بطرح كثير من المبادرات والصفقات التي من شأنها أن تنهي قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالعرب وبالحق الفلسطيني؛ كصفقة القرن، وهذا يؤكد أن صفقة القرن بالنسبة لفلسطين قد تكون البداية فقط، فخريطة -ما يسمونه- مسار ابراهيم تقطع المدن الفلسطينية من المنتصف، وهذا يعني أنه لا توجد اراضي فلسطينية وفق هذا المخطط! ومن المخاطر ايضاً تهيئة المناخ الملائم للنظام السياسي الجديد، وهذا يقتضي تحقيق فكرة التطبيع بين الانظمة العربية وشعوبها مع “اسرائيل” من أجل قبول وجود “إسرائيل” في المنطقة، وهذا ما حدث في توقيع اتفاقية ابراهام بين “اسرائيل” من جهة والامارات والبحرين من جهة أخرى.
وهنا يشير الباحث د. كمال سلامة إلى أن الفكرة الابراهيمية تدعو إلى إعادة قراءة التاريخ وإعادة صياغته بما يضمن قبول الشعب اليهودي الاصيلفي المنطقة وبالتالي قبول دور دولة “إسرائيل” الحالية في المنطقة، والعمل على تغيير ثقافة شعوب المنطقة إلى ثقافة جديدة إبراهيمية.
وطالب سلامة بضرورة تدخل المؤسسات الدينية الإسلامية في المنطقة العربية والشرق الأوسط ككل في مقدمتهم الأزهر ومنظمة المؤتمر الإسلامي ورابطة العالم الإسلامي لوقف هذا الأمر باعتبار أن جميع المسلمين والغالبية العربية يؤمنون بسيدنا ابراهيم عليه السلام، ويؤمنون بأنه جد الأنبياء، بالاضافة إلى ايمانهم بكافة الانبياء كما جاء في القرآن الكريم ، فنحن نؤمن بالدين اليهودي الذي أنزل على سيدنا موسى عليه السلام، ونؤمن أيضاً بالديانة المسيحية التي أنزلت على سيدنا عيسى عليه السلام، ولكن لنا الحق أيضاً أن نقول ما قاله الله تعالى: “مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيًّا وَلاَ نَصْرَانِيًّا وَلَكِن كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ”. (سورة آل عمران، 67)، وقوله تعالى: “إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ” (سورة آل عمران، 19)، والاسلام أيضا يدعونا إلى السلام والرحمة والمحبة واحترام الآخرين والعفو، قال تعالى في سورة البقرة (آية: 109) “وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ، فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ” وقال تعالى: في سورة المائدة (آية:13) ” فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً ۖ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ۙ وَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ۚ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىٰ خَائِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِّنْهُمْ ۖ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ”، والقرآن الكريم والحديث الشريف والتاريخ الاسلامي توجد فيه شواهد كثيرة على تسامح وعفو ورحمة الاسلام والمسلمين بالآخرين.
مخطط صهيوني
إذا هي دعوة قديمة – كما يرى المفكر الإسلامي د. محمد الجليند استاذ الفلسفة افسلامية بجامعة القاهرة – ولكنها تتجدد كلما مر العالم العربي بأزمة مع الصهيونية، مشيرا إلى أن هذه الفكرة أو الدعوة يرفضها اليهود المحافظون والمسيحيون كذلك قبل المسلمين لكن تغذيها الصهيونية العالمية لأهداف سياسية وليست دينية بالمرة لأن المنطقة تعيش دينيا في سلام واستقرار تحت القاعدة القرآنية الحكيمة “لكم دينكم ولي دين” لكن المشكلة تكمن في تنفيذ المخطط الصهيوني في المنطقة .
يؤكد د. الجليند أن التوعية بخطور هذا المشروع الصهيوني الإستعماري القديم الجديد، وما يمكن أن ينجم عنه من اتفاقات خطيرة مع دول المنطقة عربية كانت أو غير عربية من دول المحيط العربي باتت واجبه وضرورية، و العمل على رفضه من جميع الدول جملة وتفصيلا، ورفض القفز عن جوهر الصراع العربي الصهيوني، الذي يتمثل في اغتصاب فلسطين وتشريد شعبها، وطمس الحقوق الوطنية والقومية للشعب الفلسطيني في وطنه، من حق العودة وحق المساواة والحرية وحق تقرير المصير الى حق اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، والتأكيد على صون المقدسات الإسلامية والمسيحية على السواء، ورفض اعتبارها مقدسات ابراهيمية مشتركة للجميع، أي لجميع الديانات، يشترك فيها اتباع ما يسمى الديانات الأبراهيمية الثلاث “اليهودية والمسيحية والإسلامية”.
وأشار إلى أن “الإبراهيمية” مصطلح ديني عقائديّ يرتبط برمز دينيي ـبالإجماع ـ؛ فإن الدعوة إليها لم تكن بعيدة عن السياسة ومراميها، ولا منفصلة عن مؤسساتها ومخططاتها، وخدمةِ مشاريعِها، لا سيما في الواقع المنظور الذي يشهد حضورًا كبيرًا لـ “الإبراهيمية” في أرْوِقة السياسةِ ودهاليزِها، مشيرا إلى أن العبث بالأديان عامة والكيدَ للإسلام خاصة أمر قديم، قِدَمَ الصراع بين الحق والباطل، وأنّ محاولاتِ أعداءِ الإسلامِ القضاءَ على الرسالة الخاتِمة لم تتوقف منذ عصرِ سيدنا محمدٍ، ولم يدخر أولئك الأعداءُ وُسْعا، فسلكوا جميع الطرق لبلوغ هدفِهم الرئيسِ، الذي أشار إليه ربُّنا ـ عز وجل ـ في قوله ـ سبحانه ـ: {يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (التوبة: 32).
فكرة استعمارية مرفوضة
أما المفكر الإسلامي د. محمد الشرقاوي- عضو منتدى الأديان الإبراهيمية بزيورخ واستاذ الفلسفة الإسلامية والفكر الإسلامي بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة- فأكد أنه من المستحيل أن يقبل أتباع الديانات الثلاثة (الإسلام، اليهودية، المسيحية) بمذاهبهم المختلفة الإنزواء تحت فكرة “الديانة الإبراهيمية”، فهذا لم يحدث من قبل ولن يحدث في يوم من الأيام بحسبانها هجينا أو خليطا من الأديان الثلاثة، فهذا أمر مستحيل حدوثه على أرض الواقع.
وقال بأن فكرة “الديانات الإبراهيمية” في حد ذاتها ليست بمثابة كونها تلفيقا أو خليطا من الديانات الثلاث لكنها بحسبان أتباعها وأنبيائها ورسلها ينتسبون إلى سيدنا ابراهيم عليه السلام ويستحضرون في أنفسهم انتسابهم جميعا إلى ديانات ينتسب أنبيائها ورسلها إلى سيدنا ابراهيم، فهم جميعا من الأرومة الإبراهيمية، هي في حد ذاتها فكرة جميلة ونبيلة ومثالية الهدف منها حث أتباع هذه الديانات الثلاثة – وهم يشكلون النسبة الأكبر في عدد سكان العالم – على التعاون والتعايش والتقارب كبديل للصراع وكبديل للتنافس السلبي غير الصحي العدائي بين أتباع هذه الأديان الثلاثة، والدين الإسلامي دعا لهذا التقريب أو التعريف حين قال تعالى “يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا…..” { الحجرات: الآية 13 }، مؤكدا أن كل ما يبعث على السلم العام هو هدفق اسلامي يحض عليه الإسلام ويرتضيه ، مشيرا إلى أن الصلاة وهي أهم عبادة في الإسلام يقوم المسلم فيها بالصلاة على سيدنا ابراهيم وآل سيدنا ابراهيم ، وآل سيدنا ابراهيم هنا هم كل من ينتسبون إليه، سواء من ينتسبون إلى اسحاق ابنه أو يعقوب حفيده، وأيضا من ينتسبون إلى اسماعيل عليه السلام وإلى خاتم المرسلين محمد صلى الله عليه وسلم، ونحن في الإسلام مطالبون بالدعاء لسيدنا ابراهيم ولكل آل سيدنا ابراهيم ، فالأمر هذا يحض عليه ويحث عليه الإسلام، وأن كل من يعزز السلام والتعايش يدعو إليه الإسلام، أما مسألة اختلاف الأديان الأسلام والمسيحية واليهودية وحتى الهندوسية أو البوذية أوالطاوية أو غيرها إلى آخر هذه الأديان ،فهذه إرادة إلهية ماضية على الإنسان يعترف بها ويقبلها ويتقبلها “ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة …” {سورة هود: الآية 118}، لكن الله سبحانه وتعالى لم يرد هذا، فتعددية الأديان والعقائد سنة إلهية والحل هو أن يعترف كل إنسان بحق الإنسان الآخر في أن يختار ديانته بحرية وباختيار تامين كاملين دونما إكراه ودنما إجبار ودونما قصر وحمل بالقوة أو بالعنف أو حتى بالإغواء والإغراء لإتباع ديانة من الديانات ، هذا ممنوع ومرفوض في تعالمي الإسلام “لا إكراه في الدين” {البقرة: 256 }، “لست عليهم بمسيطر” {الغاشية: 22 } “وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين”، “ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين” { يونس: 99 }، “.. فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ… ” {الكهف: 29 }. هذه تعاليم الإسلام.
ولكن – والكلام مازال لعضو منتدى الأديان الإبراهيمية بزيروخ- إذا كانت المسألة النبيلة وهي الأديان الإبراهيمية لها توظيف سياسي واستعماري ، حيث تدار الخطط بدوائر االاستخبارات الاستعمارية التي تسعى لهذا الأمر ونشره وتطبيقه في منطقتنا العربية والإسلامية فهو أمر مرفوض جملة وتفصيلا، واعتقد أن تلك الخطط ستفشل، لأنه- كما قلنا من قبل- من المستحيل أن يتقبل أـتباع كل ديانة هذا المخطط، ليس المسلمون فقط وإنما اليهود والمسيحيون لن يتقبلوا هذا الأمر .
وتأسف د. الشرقاوي من تأييد بعض المسلمين في بعض البلاد العربية والإسلامية خاصة في دول الخليج لها الأمر بل التبشير له والدعاية إليه!!