نظمت رابطة الجامعات الإسلامية ظهر اليوم الثلاثاء ندوة علمية بعنوان: “التحديات التي تواجه العمل الدعوي في العصر الرقمي”، وذلك بالصالون الثقافي بمعرض القاهرة الدولي للكتاب.
شارك في الندوة الدكتور سامي الشريف الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية، والدكتور محمد قاسم المنسي أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة، والدكتور عبد الله النجار المفكر الإسلامي الكبير، والدكتور عبد الحي عزب رئيس جامعة الأزهر الأسبق، والدكتور هشام عبد العزيز وكيل أول وزارة الأوقاف، وكوكبة من رجال الثقافة والفكر وأساتذة الجامعات والصحفيين والإعلاميين.
ترأس الندوة وأداراها الأمين العام للرابطة الدكتور سامي الشريف، الذي أكد في بدايتها أن الدعوة الإسلامية تواجه تحديات متعددة في العصر الحديث، موضحا أن تكنولوجيا الاتصال جاءت بالعديد من المزايا بعض السلبيات، التي تؤثر على المجتمع عامة الشباب خاصة.
وأشار الدكتور الشريف إلى ضرورة اختيار التكنولوجيا المناسبة التي تتوافق مع قضايانا المعاصرة وتناولها بشكل علمي سليم، مبيناً أن الدراسات تؤكد أنه يفصلنا سنوات قليلة عن التعامل مع الذكاء الاصطناعي في العديد من المجالات، متسائلا: إلى أي مدى يستطيع الدعاة والعلماء التعامل مع هذه التكنولوجيا؟
وأشاد بالجهود الحثيثة التي يبذلها الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ومعاونوه في إعداد الدعاة والواعظات للتعامل مع مستجدات العصر، معتبرا تجربة وزارة الأوقاف في تأهيل الدعاة وتجديد الخطاب الديني تجربة غير مسبوقة تحظي باهتمام بالغ من مختلف المؤسسات الدعوية في العالم الإسلامي، ومن هنا يأتي تكريم رابطة الجامعات الإسلامية لمعالي وزير الأوقاف كأحد القادة الدينيين المتميزين.
وفي كلمته، أكد المفكر الإسلامي الدكتور عبدالله النجار أن الدعوة الإسلامية هي الغاية التي من أجلها بعث الله الأنبياء ليعلموا الناس عبادة الله وإقامة شعائره على النحو الصحيح، إذ إن الدعوة الصحيحة يجب أن تبين للناس رأي الدين بموضوعية وتجرد.
وأضاف النجار أن كثيرا من الدعاة قد خلطوا بين الوسيلة والغاية، مؤكدا على أهمية أن يفرق الدعاة بين ما يقال للمتخصصين وبين ما يقال لغيرهم من العوام، وأنه يجب على الداعي أن يخاطب الناس بطريقة راقية تحفظ لهم مقومات الحياة، دون تعال ودون النظر للسائلين من العامة بأنهم عصاة إذ ليس على الداعية إلا البلاغ والموعظة الحسنة.
وبدوره، أوضح الدكتور عبدالحي عزب رئيس جامعة الأزهر الأسبق في كلمته أن الداعية لابد وأن يكون مؤهلا ليس دينيا فقط بل علميا وثقافيا واقتصاديا واجتماعيا، مضيفا: أن وزارة الأوقاف تنبهت حديثا لذلك، وبدأت فعليا تعمل على تأهيل الدعاة بالشكل الذي يساعد الداعية على استخدام الكلمة المناسبة في الوقت المناسب مع مراعاة حال الناس وتغير الزمان.
وأضاف “عزب”، أن التحول الرقمى والتدريب عليه يسهم اسهاما فعالا في حل العديد من مشكلات الدعوة، وضرب مثلا: أنه لو كان لدينا أرقام دقيقة للأسر الفقيرة تستحق الدعم حينئذ ستصل الزكاة والدعم لمن يستحق.
وعن ضرورة التحلي بالحكمة، أكد الدكتور محمد المنسي أستاذ الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم جامعة القاهرة أن الشريعة تأمرنا بالتفكير المستمر في كل الأمور عدا التفكير في الذات الإلهية فقط، مستشهدا بقول الله تعالى: (ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة)، مؤكدا أن الآية هنا موجهة لكل مسلم وَمسلمة وليس للدعاة فحسب، فالإسلام انتقاء للمنهجية لذا يجب علي المسلم أن يتحلى بالحكمة الدينية بل والحكمة الاجتماعية أيضا.
وأوضح المنسي أن الدعوة الإسلامية تواجه تحديات منذ قيام الدعوة إلى قيام الساعة، مبينا أن المشكلات تعود إلى أن الأجيال ليس بينهم تواصل جيد، فجيل القادة يجب أن يسلم الراية لمن بعده.
في حين أشار هشام عبدالعزيز وكيل أول وزارة الأوقاف إن العمل الدعوى أساسه العلم والفن، مشيراً إلى أن معالي وزير الأوقاف قد أخذ على عاتقه بناء الدعاة علميا وفنيا، حيث وضع أسسا لخطبة الجمعة وللدروس وللقوافل التي تجوب مصر.
ولفت إلى أن الوزارة تهتم بدراسة التحديات التي تواجه العمل الدعوي مثل: تنقية المنابر من غير المتخصصين ليصبح من يعتلي المنابر من المؤهلين علميا ونفسيا وتكنولوجيا بعيدا عن التطرف والمغالاة.
وأشار إلى أن العديد من الدول الآن تتسابق لتدريب دعاتهم في أكاديمية الأوقاف الدولية لتدريب الدعاة بجمهورية مصر العربية، وأن الوزارة تنتهج الآن التدريب عن بعد لأكثر من 20 ألف داعية، وتدريبهم على كيفية التعامل مع السوشيال ميديا، مشيراً إلى أنه في سابقة غير معهودة تم تدريب العديد من الواعظات اللاتي أصبحن يتنقلن بين المحافظات المختلفة، ومازال الجهد مبذولا لمواجهة التحديات الدعوية في العصر الرقمي.
وعن تقنية الميتافيرس واستخدامها في عالم الدعوة، استعرض الدكتور هشام خلف الله مدير معهد ايجات-مصر، فيديو يحاكي المدينة المنورة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ليوضح كيف يمكن للخيال بأن يصير واقعا، فعن طريق التكنولوجيا بدأت محاكاة حجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، فضلا عن محاكاة الكعبة المشرفة.
وبين خلف الله أننا لا نتحدث عن أداء الفريضة عبر هذه التقنية لكن لنوضح كيف أن التكنولوجيا تستطيع أن تربط المسلم بدينه، وبالأماكن المقدسة، وغيرها من الأمور التي تسخرها تقنية الميتافيرس.
وأضاف خلف الله أن الرابطة سيكون لها السبق في تسخير وامتلاك التكنولوجيا فيما يفيد المجتمع والعمل الدعوى والتعليمي.
وعقب انتهاء كلمات المتحدثين، تم فتح باب المناقشات والمداخلات مع الحضور، الذين تم الرد على اسئلتهم من قبل المتخصصين.
وفي ختام الندوة أعلن الأمين العام للرابطة عن قرب انطلاق أكبر مشروع للواقع الافتراضي للتواصل مع الجامعات المختلفة، من خلال تقنية الميتافيرس.