واهب الحياة هو الله سبحانه وتعالى.. وهو وحده صاحب الحق فى سلبها
د. جمال فاروق: لا يقدم على جريمة إزهاق الروح إلا ضعيف الإيمان غير الواثق فى رحمة ربه
د. عمرو مصطفى: جناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره فى الإثم
أدار الندوة :
إبراهيم نصر
تابعها : محمد الساعاتى
تصوير: شريف كمال
أكد العلماء المشاركون فى ندوة وزارة الأوقاف وجريدة “عقيدتى” أن الأديان جميعها تتفق على حرمة قتل النفس إلا بالحق، وأن الانتحار من أكبر الكبائر، فهو جريمة ضد النفس، وجريمة ضد الأخلاق، وجريمة ضد المجتمع، وجريمة ضد الإنسانية كلها، حيث يأتى بعد الشرك والكفر بالله، والمنتحر كافر مخلد فى النار، ومن قتل نفسه كمن قتل غيره فى الإثم، ومن قتل نفسا بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا.
أضافوا: إن الدين الحنيف يؤكد أن رحمة الله تسع كل شيئ، وأن الله بيده مقاليد الأمور، وهو القادر على أن يغير الأمر من حال إلى حال بين طرفة عين وانتباهتها، فلو أدرك المنتحر ذلك لما أقدم على إنها حياته، واستيقن أن أى مشكلة مهما عظمت فإن الله قادر على حلها، وأن دائما ليس بعد العسر إلا اليسر، مشيرين إلى أن أحد أهم أسباب الانتحار هو ضعف الوازع الدينى وغياب الثقافة الإسلامية الصحيحة، وعلينا أن نتحلى بالصبر على المصائب ونثق فى كرم الله سبحانه وتعالى: “استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين”.
أوضحوا أن الأدلة من الكتاب والسنة تواترت على حرمة قتل النفس، وأن واهب الحياة هو الله سبحانه وتعالى، وهو وحده صاحب الحق فى سلبها.
أقيمت الندوة برعاية كريمة من الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، فى ديوان عام الوزارة بدون جمهور، تحت عنوان: “الانتحار جريمة إنسانية وأخلاقية”، وحاضر فيها الأستاذ الدكتور جمال فاروق عميد كلية الدعوة الأسبق، والدكتور عمر محمد مصطفى مدير عام البعثات والوافدين بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وأدارها الكاتب الصحفى إبراهيم نصر مدير تحرير “عقيدتى”.
ظاهرة خطيرة
فى بداية كلمته بالندوة أكد د. جمال فاروق أن ندوات الأوقاف و”عقيدتى” فيها توعية وتبصرة، مما يجعلنا نتوجه لمعالى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف ولصحيفة “عقيدتى” بجزيل شكرنا، وخاصة فيما يتعلق بطرح موضوع الانتحار الذى يعد ظاهرة خطيرة، وقد أظهرت بعض الاستطلاعات أنه فى كل عام يوجد قرابة ال 700 ألف منتحر على مستوى العالم لأسباب خلقية ونفسية ومالية، وأن جريمة الانتحار وقتل النفس التى حرم الله إلا بالحق، تعد ظاهرة خطيرة تدل على فساد فى الإنسانية وفى الخلق، قال تعالى: ” ولا تقتلوا أنفسكم “.

أضاف د. جمال: ولكنى أستطيع أن ألخص كل هذا فى بعد الناس عن الدين الصحيح، حيث نرى بعض الشباب ينحرفون إلى الإدمان وتعاطى المخدرات، وإذا واجهته أزمة تكون ثقته فى الله ضعيفة، وفى حالة فقده لبعض أقاربه ييأس، “وَلَا تَيْأَسُوا مِن رَّوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ” “قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ”، والله تعالى حرم قتل النفس، وكل الشرائع السماوية والكليات الخمس أو الست اتفقت على حرمة قتل النفس، اتفقت كل الشرائع على حفظها قال تعالى: “من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا”.
لا تقتلوا أنفسكم
فالإنسان مأمور أولا بأن يحافظ على نفسه: “ولا تقتلوا أنفسكم” ويحافظ الإنسان على نفسه وعرضه وعلى كرامته، وقد قرأت أن نسبة الانتحار بين النساء أكثر من الرجال، ولابد من توعية الناس، لأن اليأس والقنوط كفر والعياذ بالله، ولابد أن يثق الإنسان فى رحمة الله ويثق فى رجائه سبحانه وتعالى، والشاعر الحكيم يقول: ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت .. وكنت أظنها لا تفرج.
فإن الفرج بيد الله، ورحمة الله تسع كل شئ، بيده مقاليد الأمور، وبين طرفة عين وانتباهتها يغير الله من حال إلى حال، وكم كانت الأمور والأزمات فادحة، والله بيده ملكوت كل شئ، لايعجزه شئ: “وإليه يرجع الأمر كله” ولا يقدم على مثل هذه الجريمة التى هى من أكبر الكبائر، حيث تأتى بعد الشرك والكفر بالله، إلا ضعيف الإيمان غير الواثق فى رحمة ربه.
ويستشهد الدكتور جمال فاروق بحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ـ رضى الله عنه ـ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: (مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا فِيهَا أَبَدا. وَمَنْ شَرِبَ سَمّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا مُخَلَّدا فِيهَا أَبَدا. وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدا مُخَلَّدا فِيهَا أَبَدا).
التوعية الإعلامية
وفى ختام كلمته قال د. جمال فاروق: يؤكد البعض أن مشاهدة المسلسلات والأفلام تدعو إلى الانتحار، فلابد أن تكون هناك توعية عبر وسائل الإعلام حتى يكون الإنسان على وعى، يدعو إلى التفاؤل والأمل ونظرة إلى المستقبل، فالله واسع العطاء والفضل، والله تعالى يرزق المؤمن كما يرزق الكافر، “وما من دابة فى الأرض إلا على الله مستقرها ومستودعها وكل فى كتاب مبين” والشيخ الشعراوى قال: إن الكافر لم يستدع نفسه للوجود فى هذه الحياة، فالله هو الذى خلقه، الله يرزق النمل والوحوش والدواب: “وفى السماء رزقكم وما توعدون”، فلما ييأس الإنسان؟ إذا فشل فى امتحان أو زواج وتعرض لكبوة، الحياة هبة من الله سبحانه وتعالى”هو الذى خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا”، فلابد على الإنسان أن يصبر، وأن يؤمن بالقدر، ثم الله يأتى بعدها بالبشرى والفرج: “وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أؤلئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون”.
الانتحار من الموبقات
