أيام الشهر الكريم تجرى مسرعة، وها هى أيام السعادة والخير تمرق من بيننا بعد أن اجتهدنا فيها كل على قدر طاقته، فالويل لمن أدركه رمضان ولم يغفر له، فنحن لا ندرى هل يأتى علينا رمضان قادم أم لا؟! فيا أيها الشهر الكريم ترفق بحالنا، فقلوبنا لفراقك تتمزق فمهلاً عسى بركب الصائمين القائمين نلحق، ترفق بنا يا رمضان فمازالت قلوبنا قاسية وأرواحنا عطشي، وما أسرع خطاك تأتينا على شوق وترحل عنا على عجل، فسبحان من قال فى وصفك »أيامًا« معدودات فاللهم تقبل منا ما مضى وأعنا على ما بقى واعتق رقابنا من النار.
> فى هذه الأيام الطيبة المباركة ونحن نلتمس فيها ليلة القدر وهى ليلة السلام التى نزل فيها دستور السلام على رسول السلام لأمة السلام، نهيب بالمسلمين جميعًا وهم يحتفلون بهذه الليلة المباركة أن يجعلوا القرآن الكريم ربيع قلوبهم ونظام حياتهم بالحفظ والتدبر والنشر والتبليغ والعمل والتطبيق.
> فى هذه الأيام المباركة الكريمة أتعجب أشد العجب من أولئك الباحثين عن ليلة القدر بين أعمدة المساجد فحسب.. فهل بحثنا عنها فى صفاء ضمائرنا وفى عقولنا ونفوسنا قبل مساجدنا.. هل بحثنا عنها فى نيل رضا الوالدين أو فى صلة أرحامنا، أو فى إطعام جائع أو كسوة فقير أو مسكين.. هل بحثنا عنها فى تأمين خائف أو رفع مظلمة أو فى كفالة يتيم أو مساعدة المريض أو المحتاج، هل بحثنا عنها فى رضاء ربنا باقلاعنا عن الذنوب وعزمنا الأكيد على ألا نعود إليها مرة أخري؟!
> ساعات قليلة ويهل علينا عيدالفطر المبارك وهو يوم الجائزة الكبري.. وبهذه المناسبة الطيبة نتقدم بالتهنئة الخالصة للصائمين الفائزين بعد أن أفاء الله عليهم من نعمة وما منحهم من عطاء وما ادخر لهم من أجر بعد امتحان قاس طوال الشهر الكريم فوفقهم الله ونجحوا وأمدهم بعونه فانتصروا على رغبات النفس ووساوس الشيطان.
فى أعياد المسيحيين..
وحدة المشاعر.. ووحدة الفرحة
الشعب المصرى عنصر واحد لا فرق فيه بين مسلم ومسيحى والوحدة الوطنية فى مصر سمة من سمات المجتمع المصرى ومفردة من مفردات خصوصية هذا الوطن وهذا الشعب العريق الذى يتسم بالسماحة والاعتدال وقبول الآخر.. فالشعب المصرى على امتداد تاريخه الطويل كان ومازال وسيظل بإذن الله شعبًا فاعلاً يتميز بالحيوية والتفاعل الايجابى مع محيطة الجغرافى والسياسى ولم يكن شعب مصر أبدًا فى أى وقت من الأوقات يفرق بين مسلم ومسيحى بل أن المسلمين والمسيحيين على حد سواء باعتبارهم أبناء الوطن الواحد.
لذا فلاعجب أن تقوم القيادات الدينية الإسلامية وعلى رأسها شيخ الأزهر بالذهاب إلى مقر الكاتدرائية للتهنئة والمشاركة فى كل المناسبات الدينية للأخوة المسيحيين وكذلك يحدث من الأخوة المسيحيين فى المناسبات والأعياد الإسلامية المختلفة حيث يذهب قداسة البابا إلى الإمام الأكبر بصحبة وفد من القيادات الكنسية للتهنئة والمشاركة بالأعياد.
وهذه التهانى المتبادلة دليل قاطع على وحدة المشاعر ووحدة الفرحة وعندما يتشارك المسلمون والأقباط فى الاحتفالات والمناسبات الدينية فإنهم يؤكدون نفس الوحدة والمشاعر والفرحة.
إن تبادل التهانى الذى يحدث بين المسلمين والمسيحيين راجع فى المقام الأول إلى سماحة الدين ثم إلى خصوصية مصر التى تعتبر نبعًا للسماحة والاعتدال ونموذجًا فريدًا للتعددية فى إطار الوحدة.. ولتبق مصر عزيزة دائمًا بمسلميها ومسيحييها بعيدًا عن أى محاولات مغرضة لزرع الفتنة بين أبناء الوطن الواحد.. وكل عام و أخواتنا الأقباط بخير وفى هناء وسعادة.
> > >
وختامًا:
قال تعالي: «كلوا واشربوا هنيئًا بما أسلفتم فى الأيام الخالية»
صدق الله العظيم «سورة الحاقة» آية (٣٤).